استقبل جل المهنيين في الصحافة والإعلام بحذر كبير تعيين مصطفى الخلفي، في يناير 2012، وزيرا للاتصال ناطقا باسم الحكومة، لكونه يدير جريدة يومية أنهكها ضعف المبيعات، والمقصود طبعا جريدة “التجديد” التي لا زالت إلى اليوم تجتر مبيعاتها الضعيفة، وورقها قليل الجودة، وطباعتها المتواضعة، ومضمونها الإديولوجي الرجعي. في حين رحب البعض بالوزير الشاب ومنهم من علق آمالا كبيرة على حماسه، عساه يتمكن من جر قاطرة التغيير، و إتمام الإصلاحات التي أطلقها التقدمي نبيل بن عبد الله، والتي تعثرت في عهد الأستاذ خالد الناصري.
لكن سرعان ما أدرك الجميع أن الفتى المدلل لحركة التوحيد والإصلاح لم يكن الرجل المناسب في المكان المناسب، حيث اقترف منذ البداية أخطاء فادحة متتالية تنم عن قلة التجربة بل وانعدام المسؤولية، أخطاء أثرت سلبا على قطاع الإتصال وعلى صورة المغرب وحتى على سمعة حزب العدالة و التنمية الذي ينتمي إليه الوزير.
آخر أخطاء مصطفى الخلفي، والتي تبدو في بعض الأحيان متعمدة -مما يوحي أن الوزير لا يهمه إلا بلوغ هدفه و إن على حساب القوانين و النصوص التي تؤطر العمل الإداري- اقترفها الوزير الأسبوع الماضي.
يوم الثلاثاء 28 يوليوز، أصدرت وزارة الاتصال بلاغا مشتركا مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية إثر اجتماع بين مصطفى الخلفي و ممثلين عن النقابة حول موضوع طرد صحافية من وكالة المغرب العربي للأنباء وتعنيف صحافي آخر من طرف باشا مدينة المحمدية.
وحسب البلاغ، فقد وعد الوزير النقابة بفتح تحقيق في حادثة تعنيف الصحفي، رغم أن ذلك ليس من اختصاصاته ولا من حق وزارته لأنه شأن يهم وزارتي الداخلية والعدل.
و إذ نستغرب لهذا القرار غير المدروس، فإننا نتساءل عن ماهية الأساليب و الآليات التي سوف يلجأ إليها مصطفى الخلفي لإنجاز تحقيقه، ونحن لا نعرف لحد الساعة رد فعل زميليه في العدل و الداخلية، ,وإن كنا لا نستبعد تدخلا حاسما من رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران كي لا يتم التطاول والترامي على الاختصاصات بين مكونات فريقه الحكومي.
وفي ظل هذا الغموض المثير للشكوك، ألا يعتبر إدراج ملفات تهم الشأن الداخلي لوكالة المغرب العربي للأنباء ضمن جدول أعمال اللقاء المذكور، و إصدار بلاغ مشترك بشأنها، تدخلا مباشرا في تسيير مؤسسة استراتيجية ؟
كما أن إصدار بلاغ مشترك بين الوزارة و النقابة حول قضية تهم قطاعا معينا، يمكن اعتباره سابقة و خطأ جسيما يدل على ضعف في النضج لدى الوزير أو مستشاريه و مساعديه.
إن إصدار هذا البلاغ يشكل خطأ فادحا من شأنه أن يحول قطاع الاتصال إلى حلبة للحسابات السياسية والصراعات الحزبية، واستعمال لعبة شد الحبل بين وزير الاتصال مصطفى الخلفي ومسؤولي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، بخصوص إخراج قوانين الصحافة إلى حيز الوجود، من بينها على الخصوص قانون المجلس الوطني للصحافة الذي يريد الوزير تمريره بأي وجه كان.
فمصطفى الخلفي، أمام ما أحدثه من انقسام داخل القطاع، والذي كاد أن يتسبب في أزمة سياسية مع دولة المكسيك بعد أن وصفها ب”الماخور”، وأمام استعماله لصفته الوزارية في توظيف ابن الرئيس السابق لحركة التوحيد و الإصلاح بمؤسسة القرض الفلاحي، وأمام كذبه مرارا وتكرارا على المغاربة داخل قبة البرلمان وخارجها، و أمام توزيعه لأظرفة مالية لبعض الأشخاص من صندوق أسود لا أحد يعرف مصدره، وأمام اختلاقه صراعات هامشية في أوساط المجتمع المغربي كقضية مهرجان القفطان، و مشاركة جينفر لوبيز في مهرجان موازين، و إساءته لصورة المغرب و لصفة الوزير في بلادنا أثناء مشاركته في برنامج إذاعي فرنسي، يجب أن يطرح سؤالا موضوعيا على نفسه : ألا زالت له مكانة داخل الحكومة، هو الذي قال إنه فكر في الإستقالة ثلاث مرات؟ أو لم يصل السيل الزبى حتى غرقت في فيضانات الفضائح المخجلة؟ أما آن لرئيس الحكومة أن يقول: “كفى” لوزيره الذي كان مدللا في زمن لم يكتشف فيه بنكيران ضعفه وتواضع كفاءته؟ هي أسئلة نطرحها ونتمنى أن يسعفنا بالجواب من يملكه.
même son secrétaire général il est du PJD