من يُمعِن في ثنايا تدوينات حسن بناجح، يُدرِك، دونما حاجة لكثير من النَباهة والتَمحيص، بأن الرجل يَترَنح حتى لا نقول “يُحرنِط” بين مَوقفين مُتلازمين: فإما أنه يَدِين بالولاء للخارج أو أنه يُدوِن ويَكتب تغريداته للخارج!
فليس هناك مغربي واحد، باستثناء حسن بناجح، من تَجِده يَكتب تدوينة في ثلاثة أسطر، ويَضطر فيها لاستخدام لفظة “المغربي”، كلما تَحدث عن البرلمان والشعب ونظام الحكم الساري في بلاده!
فعندما تَكُون مغربيا، وتَكتب خالصا لوجه المغاربة، فلن تَكُون مُضطرا لاستخدام نعت “المغربي” كلما تَحدثت عن مقر برلمان بلادك، وعن الشعب الذي أنت واحد من أبنائه، ولا عن نِظام الحكم الذين يَتولى مَقاليد تدبير الشأن العام في بلادك.
لكن عندما تَكُون أجنبيا عن هذا الشعب، أو تَدين بولاء لغير هذا البلد، أو تُرسِل رسائل مُشفرة للخارج، فإنك ستضطر وقتها لاستخدام هذا النعت المجرور في اللغة، للإشارة إلى البلد والشعب والنظام الذي تَستهدفه أو يُوعِزون لك بالتحامل عليه.
وهكذا كان حال حسن بناجح، الذي كَتب تدوينته بمِداد الولاء للخارج، وبمعاني مُقتبسَة من مُعجم الأجانب، مع الإفراط في استعمال نُعوت ما كان للمغربي الصادق أن يَستخدِمها وهو يَتحدث عن بلاده ونظام الحكم المطبق فيها.
فلن تَجِد مواطنا فرنسيا أو أمريكيا أو غيرهما من الجنسيات يَكتب داخل وطنه، ما كَتَبه حسن بناجح، كأن يَقول مثلا بأنه تَظاهر أمام “مجلس الجمعية الوطنية الفرنسية أو أمام الكونغرس الأمريكي”، فيَكفي الإشارة فقط إلى مَجلس الأمة أو الكونغرس ليَفهم الجميع المعنى من خلال المبنى الواضح، لكن حسن بناجح لم يَكن “مغربيا خالصا لوجه الوطن”، عندما كان يَكتُب تدوينته الموجهة للخارج أو الموعز بها من الخارج.
إنها تجاذبات الولاء والانتماء في قُلوب أتباع العدل والإحسان، وهي أيضا نتيجة “التَلقين الإيديولوجي الوافد من الخارج والموغل في التَوجيه المعنوي للأتباع”، ممّا جَعل أفئدتهم تَهِيم بولاءات عابرة للحدود، وتضطرهم لاستخدام نُعوت مُضافة للحديث عن شعبهم ونظام حُكمهم، وكأنهم أغراب وأجانب يَسكنون المغرب ولا يَسكُنهم هذا المغرب الذي نحيا ونعيش جميعا في رِحابه.