اخبار المغربسياسةمستجدات

بيان الأغلبية.. محاولة فاشلة لإنعاش حكومة في العناية المركزة

الخط :
إستمع للمقال

لم يكن البيان الصادر عن هيئة رئاسة الأغلبية، المنعقد يوم الأربعاء المنصرم، سوى تمرين سياسي عقيم، ومحاولة لإعادة رسم صورة حكومة لم تستطع إثبات وجودها خارج البيانات والتصريحات المتكررة.

إنه بيان يكشف أكثر مما يخفي، ويفضح ارتباكا داخليا داخل الأغلبية الحكومية، ويؤكد أن الحكومة تعيش مرحلة العد العكسي لنهايتها السياسية، حيث إن كل ما يحاول هذا البيان تمريره من رسائل حول “تماسك التحالف” و”الإنجازات الكبرى” ليس سوى محاولة لتأجيل لحظة الحقيقة، حين سيجد أخنوش نفسه في عزلة سياسية تامة، دون قدرة على فرض أي مشروع حقيقي.

فعندما يتحدث البيان عن “إنجازات” في مجالات الحماية الاجتماعية، والاستثمار في الطاقات المتجددة، وإصلاح المنظومة الصحية، وضمان الأمن المائي، فإنه لا يقول الحقيقة كاملة، إذ إن هذه ليست إنجازات حكومية، بل هي مشاريع ملكية بامتياز، جاءت بتوجيهات ملكية سامية واضحة، ولم تكن الحكومة سوى منفذ إداري لها. ومع ذلك، يحاول أخنوش، عبر بيان هيئة رئاسة الأغلبية، الاستيلاء على هذه الأوراش الملكية وتسويقها كجزء من “نجاحاته”، في عملية تضليل سياسي لا تخفى على أحد.

ولم يعد خافيا أن الحكومة، التي فشلت في ضبط الأسعار، وتحقيق وعودها بشأن التشغيل، والتخفيف من أعباء الأزمة الاقتصادية، أصبحت تعتمد فقط على استغلال الدينامية الملكية لإضفاء شرعية زائفة على وجودها.

لكن البيان لم ينجح في إخفاء حقيقة أخرى أكثر إلحاحا، وهي أن التحالف الحكومي لم يعد بنفس التماسك الذي كان عليه في البداية، وأن حزب الاستقلال وحزب الأصالة والمعاصرة لم يعودا مستعدين لمواصلة لعب دور “الدرع الواقي” لرئيس حكومة فقد شعبيته، وبات عبئا سياسيا حتى على حلفائه.

إن كلا الحزبين يفكر في محطة 2026، وكلاهما يدرك أن الاستمرار في الدفاع عن هذه الحكومة سيكلفهما الكثير على المستوى الانتخابي. لذلك، فإن هذا البيان ليس سوى محاولة لتأجيل المواجهة، وإعطاء الانطباع بأن الأغلبية موحدة، بينما في الواقع، كل طرف فيها بدأ يخطط لمصلحته الخاصة، بعيدًا عن الحسابات التي يريد أخنوش فرضها.

إن أخنوش، الذي اعتقد أن المال يمكن أن يشتري كل شيء، يجد نفسه اليوم أمام معادلة مختلفة تماما، إذ إن المال لا يمكنه أن يخلق زعيما سياسيا قادرا على التأثير وإدارة الأزمات. ولهذا السبب، وبعد ثلاث سنوات من تدبير الشأن العام، لم يستطع أخنوش أن يتحول إلى رجل سياسة، بل ظل مجرد مدير تنفيذي لحكومة تُدار من طرف موظفي مقاولاته، دون أن يكون له أي حضور سياسي حقيقي.

البيان، إذن، ليس سوى محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لكن الحقيقة أن الأزمة لم تعد فقط في الأداء الحكومي، بل في رئيس حكومة لا يملك سلطة القرار، ولا يتمتع بالكاريزما السياسية اللازمة لقيادة المرحلة. إنها حكومة بلا روح، بلا مشروع، بلا رؤية، تعتمد فقط على استغلال المشاريع الملكية، وعلى بيانات ترويجية لن تغير شيئًا من الواقع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم.

اليوم، لم يعد السؤال: هل ستكمل هذه الحكومة ولايتها؟ بل كيف يمكن الخروج من هذا المأزق السياسي الذي خلقه صعود رجل أعمال إلى رئاسة الحكومة، دون أن يعي أن السياسة ليست سوقا، وأن الحكومة ليست شركة، وأن القيادة الحقيقية لا تُشترى، بل تُبنى بالكفاءة والقدرة على اتخاذ القرار في اللحظات الصعبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى