بوغطاط المغربي | هكذا يواصل محمد حاجب تجديد الولاء لتنظيم “القاعدة” الإرهابي وهذا سبب هجومه على “داعش”

لطالما حاول محمد حاجب، منذ خروجه من السجن وعودته إلى ألمانيا، تقديم نفسه على أنه يجنح إلى السلمية، وأنه ينبذ العنف. لكن الواقع يكشف شيئا مختلفا تماما… سواء واقع تصرفاته وتعبيراته أو واقع ملفاته أمام القضاء الألماني.
فعوض أن يتبرأ من الفكر الجهادي المتطرف بكل أركانه، ظل حاجب يوظف خطابه بأسلوب مخادع، محاولا الترويج لتيار معين على حساب آخر، وهو تيار تنظيم “القاعدة” الإرهابي، الذي لا يزال يُكِنّ له ولاءه العميق.
على الرغم من هجومه المتكرر على تنظيم داعش ووصفه لهم بـ”الكلاب”، فإن هذه الانتقادات لم تكن يوما رفضا للإرهاب بحد ذاته، بل تعبيرا عن ولائه لجبهة القاعدة وحلفائها. فهو لا يرى في داعش سوى تنظيم خرج عن “الشرعية الجهادية” التي تمثلها القاعدة وطالبان، ولم يكن يوما رافضا لجوهر التطرف والتكفير الذي يجمع الطرفين.
ما يفضح ولاء حاجب لتنظيم القاعدة هو تبنيه لنفس الخطاب الذي استخدمه قادة القاعدة وطالبان في مواجهتهم مع تنظيم داعش. فمصطلح “الخوارج” لم يكن مجرد وصف ديني، بل كان أداة أساسية في الصراع بين “الفصائل الجهادية”، حيث استعملته القاعدة وطالبان لتكريس شرعيتهم ونزعها عن داعش.


وقد اعتاد أيمن الظواهري، زعيم القاعدة السابق، وصف تنظيم داعش بـ”الخوارج”، في محاولة لعزلهم عن التيار الجهادي الأكبر الذي كان تحت هيمنة القاعدة، داعيا إلى مبايعة حليفتها طالبان.


وحاجب يردد نفس العبارات التي كان يستعملها الظواهري وطالبان لتبرير عدائهم لداعش، حيث استعمل في عدة تدوينات سابقة له، مصطلح “الخوارج” و”كلاب أهل النار”.

وفي تعليق له على هجوم استهدف اجتماعا لطالبان في يونيو 2022، والذي جاء بعد أيام قليلة من هجوم لداعش على العاصمة كابل،رد حاجب على الصحفي الأفغاني الذي نقل الخبر بالقول إن منفذي الهجوم ليسوا “بغاة”، بل هم “خوارج كلاب أهل النار”وهو نفس الوصف الذي كانت تستخدمه طالبان والقاعدة لتبرير قتالهم ضد داعش.

ولم يكن في تعليق حاجب أي إدانة للعنف بحد ذاته، ولا رفض للهجوم على المدنيين أو الجماعات المسلحة، بل فقط تكرار لنفس التصنيف التكفيري الذي تستخدمه القاعدة ضد داعش، وكأنه يتحدث باسمها.
هذا الأسلوب يظهر أن حاجب لا يعارض الإرهاب، بل فقط الإرهاب الذي لا يخضع للمرجعية “الشرعية” التي يؤمن بها، أي القاعدة وحلفاؤها من طالبان وبقية الفصائل الموالية لهم.
إذا كان محمد حاجب يريد إقناع متابعيه بأنه يعارض الإرهاب، فإن موقفه من زعماء التنظيمات الجهادية يكشف الحقيقة بوضوح. ففي إحدى تدويناته التي تعود إلى سنة 2019، عبّر حاجب ضمنيا عن أسفه لمقتل زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، متحدثا عنه بأسلوب يغلب عليه التقدير، وكأنه كان شخصية تستحق الاحترام.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حاجب سبق له أن عبر عن افتخاره بأن يشبّهوا فكره المتطرف بفكر أسامة بن لادن واصفا هذا الأخير في أحد “لايفاته” على اليوتيوب بأنه من العظماء، قائلا: “وا شرف عظيم هذا… راه سي الشيخ أسامة راه من العظماء”.
في التدوينة المذكورة، وصف حاجب بن لادن بأنه رجل عاش ومات من أجل قضيته، محاولا تصويره كرمز للكفاح الإسلامي، متجاهلا تماما الجرائم التي ارتكبها تنظيمه.لكن حين تعلق الأمر بأبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، فإن نبرة حاجب تتغير تماما.
حاجب قدم مقتل بن لادن وكأنه حدث طبيعي، بينما حاول تصوير مقتل البغدادي على أنه جزء من “مؤامرة”، زاعما أن مكانه كان معروفا منذ فترة طويلة، لكنه لم يُستهدف إلا لاحقا، مما يوحي بأن داعش كانت تُستخدم في “مشاريع خبيثة”، بينما القاعدة لم تكن كذلك.

أكثر من ذلك، حاجب لم يصف بن لادن بأي مصطلحات سلبية، بينما استخدم عبارات تقلل من شأن البغدادي وتنظيمه. هذا الاختلاف ليس مجرد صدفة، بل يتماشى مع السردية التي يروج لها أنصار القاعدة، الذين يعتبرون داعش مجرد “تشويه” للمشروع الجهادي الأصلي، بينما يقدمون القاعدة كتيار “أكثر نقاءً”.
حاجب أيضا شكك في خلفيات مقتل البغدادي، مشيرا إلى أنه جاء في سياق أزمة سياسية كان يمر بها الرئيس الأمريكي حينها، مما يعني أنه كان مجرد “ورقة سياسية” بيد القوى الكبرى. لكن الغريب أنه لم يطرح أي تساؤلات مشابهة حول مقتل بن لادن، وكأن استهداف القاعدة كان أمرا طبيعيا، بينما استهداف داعش كان مجرد لعبة سياسية.
عندما قال حاجب إن “اللعبة مكشوفة”، كان يوحي بأن الحرب على داعش ليست سوى تكتيك مرحلي، وليس جهدا حقيقيا لمحاربة الإرهاب. هذه الفكرة بالذات هي جزء من الخطاب الدعائي لأنصار القاعدة، الذين يروجون منذ سنوات لنظرية أن داعش كانت “اختراقا” غربيا لضرب المشروع “الجهادي الأصلي”، أي القاعدة.
حاجب، الذي يريد أن يظهر بمظهر المعتدل، لا يفعل سوى إعادة تدوير الصراعات الداخلية داخل التيارات الجهادية. فعداؤه لداعش ليس رفضا للتطرف، بل مجرد تعبير عن ولائه لتنظيم القاعدة، الذي يعتبر داعش عدوا ينافسه على النفوذ في الساحة الجهادية… ونتحداه من هذا المنبر أن يفصح عن موقفه الصريح من تنظيم القاعدة الإرهابي.
في نهاية المطاف، يظل حاجب ابن نفس الفكر التكفيري الذي يتغذى على العنف والكراهية. واليوم، وبينما يحاول خداع متابعيه بإظهار نفسه كناقد لداعش، فإنه في الواقع لا يفعل سوى الانحياز إلى طرف آخر في نفس المنظومة الإرهابية، وهي القاعدة وطالبان.
ما يثبته هذا كله هو أن محمد حاجب ليس سوى امتداد للمشروع الجهادي الذي سعى إلى الترويج له منذ البداية، حتى لو حاول تغيير شكله. فلا فرق بين خطاب القاعدة وداعش سوى في التفاصيل، أما الجوهر فهو واحد: العنف، التكفير، والترويج لفكر لا مكان له في عالم يسعى للسلام والاستقرار.
ويبقى السؤال مطروحا: هل يستطيع محمد حاجب أن يقول عن تنظيم القاعدة وقادتها وما يرتكبونه من جرائم إرهابية نفس ما يقوله عن داعش ؟؟ ما هو موقف حاجب من تنظيم القاعدة الإرهابي بالضبط؟