اخبار المغربمجتمعمستجدات

بوغطاط المغربي | تسريبات توفيق بوعشرين.. من المظلومية إلى التبرير، هكذا اعترفت أخيرا العشيرة الحقوقية بجرائم بوعشرين الجنسية

الخط :
إستمع للمقال

في مشهد يعكس زلزالا أخلاقيا جديدا على الساحة الحقوقية والإعلامية المغربية، كشف تسريب جديد يوثق إحدى جرائم الاستغلال الجنسي التي كان يرتكبها توفيق بوعشرين، داخل مكتب عمله بمقر جريدة “أخبار اليوم” على الصحفيات الأجيرات لديه والتي أدين من أجلها بـ 15 سنة سجنا، (كشف) عن جوانب مظلمة تُضاف إلى سجله الإجرامي المثير للجدل.


وبينما تتوالى ردود الفعل على هذه الفضيحة بين الاستنكار والصدمة، أطلّت العشيرة الحقوقية والسياسية المدافعة عن بوعشرين بتصريحات وتدوينات تؤكد ضمنيًا اعترافهم بصحة هذا التسريب، مصحوبة بدعوات للصمود والتمسك بالرواية القديمة.


وجاءت تدوينة حسن بناجح، القيادي البارز في جماعة العدل والإحسان، لتفتح أبواب التساؤلات وتُثير موجة من التأويلات. ففي تدوينة أشبه برسالة دعم معنوي، كتب بناجح: “تمام النصر أن تظل حرا في روحك وإرادتك وعقلك، قويا في مبادئك، صادقا في سعيك، وألا تفقد بوصلتك مهما كانت الظروف.” هذه العبارات، التي بدت للبعض كتأكيد غير مباشر على صحة التسريبات، حملت في طياتها دعوة واضحة لبوعشرين للصمود وعدم فقدان التركيز رغم العاصفة التي تهب عليه.


وعلى نفس المنوال، جاءت تدوينة ليوسف الحيرش، التي كتب فيها: “نحن لا ننهزم .. ننتصر أو نتعلم. نحن لا نستسلم .. ننتصر أو نموت.” كلمات تحمل دلالات عميقة حول طريقة تعاطي أنصار بوعشرين مع هذه الأزمة. فبدلًا من مواجهة الحقيقة وتحمل المسؤولية، يُروّج الخطاب لثقافة “الانتصار المعنوي”، حتى وإن كان ذلك على حساب الأخلاق والشفافية.


أما محمد دعنون، القيادي في حزب العدالة والتنمية، فقد اختار منح الفضيحة بُعدًا آخر، حيث كتب: “ما يهمني من بوعشرين هو ما يجود به علينا من فكر وتحليل قل نظيرهما. أما ما تحت البطن فلولا ستر الله لما تجرأ أحد أن يرفع بصره استحياء.” هذا التصريح الصادم يُظهر بوضوح حالة التناقض الفاضح التي يعيشها المدافعون عن بوعشرين؛ فبينما يرفعون شعارات الأخلاق والمبادئ، يختارون التبرير والتغاضي عن أفعال موثقة تُدينه.

الجميع يتذكر أنه منذ بداية محاكمة بوعشرين بتهم الاعتداء الجنسي والاتجار بالبشر، اصطفّت مجموعة من النشطاء الحقوقيين والشخصيات العامة للدفاع عنه، متجاهلين حجم الأدلة المثبتة، بما في ذلك الفيديوهات التي عرضتها المحكمة. واليوم، ومع ظهور تسريبات جديدة تُعمّق الشكوك حول خطابه وممارساته، يختار هؤلاء الدفاع مرة أخرى، ولكن هذه المرة بدعوات مموّهة للصمود والثبات، بدلًا من مواجهة الحقيقة بشجاعة.


إن الخطاب الحقوقي المناصر لبوعشرين، كان قد بنى استراتيجيته على تصويره كضحية لمؤامرة سياسية. ولكن التسريبات الأخيرة، التي لا يمكن إنكار تأثيرها المدمر على صورته، قد تضع حدًا لهذا السرد الذي طالما استخدم لاستعطاف الرأي العام. فحينما تُقدَّم أدلة بالصوت والصورة، يصبح من الصعب جدًا التمسك بمظلومية زائفة.

إن هذا التناقض الصارخ في مواقف بعض الحقوقيين يكشف عن أزمة حقيقية في المشهد الحقوقي بالمغرب. ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن يدافع هؤلاء عن قيم العدالة والشفافية، نجدهم يتغاضون عن الحقائق الواضحة، فقط لأن المتهم ينتمي إلى دائرتهم الفكرية أو الأيديولوجية.

إن دعوات الصمود وعدم الاستسلام، سواء من بناجح أو الحيرش أو دعنون، و أخرون تكشف عن تخبط واضح في المواقف، وتفضح ازدواجية المعايير التي لطالما ميّزت الخطاب الحقوقي والسياسي لدى بعض الأطراف. فكيف يمكن أن يُبرَّر السقوط الأخلاقي لشخص مثل بوعشرين بحجة الفكر أو التحليل؟ وهل أصبح الصمت عن الحق فضيلة؟

قد ينجح بوعشرين وأنصاره في تحريف النقاش لبعض الوقت، لكن الحقيقة دائمًا ما تجد طريقها للسطوع. أما أولئك الذين اختاروا المضي في دعم رجل تطارده الفضائح، فسيجدون أنفسهم عاجلًا أم آجلًا في مواجهة سؤال كبير: أين هي المبادئ التي يدّعون الدفاع عنها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى