طالب الصحفي والحقوقي علي المرابط، المقيم حاليا بإسبانيا، الدولة المغربية بإلغاء تجريم المثلية الجنسية بالمغرب، داعيا إلى حذف الفصل 489 من القانون الجنائي المغربي الذي يجرم أفعال “الشذوذ الجنسي”.
وجاء مطلب المرابط بإلغاء تجريم المثلية بالمغرب تزامنا مع الأسبوع الأول مما يسمى بـ “شهر الفخر” (Pride Month) الذي يصادف يونيو من كل عام والمخصص لاحتفالات مجتمع “الميم” في كثير من دول العالم، بما فيها إسبانيا التي يقيم المرابط فوق أراضيها.
وقال علي المرابطفي فيديو نشره على قناته في “اليوتيوب” يوم 8 يونيو 2024، أي بعد أسبوع واحد من انطلاق احتفالات المثليين بما يسمى بـ “شهر الفخر” (Pride Month)، أنه خلافا لإسبانيا ولأوروبا عموما ولبعض دول الغرب، فالمثلية في المغرب مجرمة ويعاقب عليها بالحبس، داعيا إلى إلغاء الفصل 489 الذي يجرم “الشذوذ الجنسي” والذي قال أنه لطالما دعا إلى إلغائه واصفا إياه بـ”فصل النفاق”، لأنه حسب رأيه، هذا الفصل يطبق فقط ضد من نعتهم بـ “المثليين البسطاء”، مشيرا في نفس الوقت إلى أن المثليين يتمتعون بنفس الحقوق كباقي المواطنين العاديين، لا أقل ولا أكثر.
وأضاف المرابط بخصوص نفس الموضوع، أنه “باعتباره “حقوقيا” فهو لا يحق له أن يعارض المثلية وأنه ليس ضد المثليين، رغم كون أغلب المغاربة ضد هذا التوجه”، مشددا على أنه حتى عندما كان مقيما بالمغرب، لم يسبق له أن تهجم على المثليين أو عارضهم، وأنه لا يستعمل كلمة “الشاذ الجنسي”.
وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى ولا الثانية التي يدافع فيها علي المرابط عن حقوق المثليين في المغرب وحتى في بلدان أخرى. فقد سبق له أن دافع عن الميولات المثلية المحتملة لزكرياء مومني، معتبرا المقالات التي نشرها “بوغطاط المغربي” عن ارتياده على الأماكن المخصصة لمجتمع “الميم” في كندا وعن اختياره الظهور على قناته في “اليوتويب” بملابس نسائية، (اعتبرها) تشهيرا في حقه وأنه لا يحق لأحد الحديث عن الميولات المثلية المحتملة لمومني.
لكن المرابط في المقابل، وفي تناقض مع ما عبر عنه بشأن دعمه لحقوق المثليين، استثنى الشاب المثلي أنور الدحماني، الملقب بـ “نور زينو” من التمتع بتلك الحقوق، حيث تسائل عن السبب وراء عدم معاقبته بالحبس عند اعترافه بكونه مثليا، مع العلم أن القانون الجنائي المغربي وتحديدا الفصل 489، اقتصر على تجريم أفعال ممارسة “الشذوذ الجنسي” بين شخصين من نفس الجنس ولا يجرم حمل الهوية الجنسية المثلية ولا التعبير عن هذه الهوية أو الاعتراف بها.
فإذا كان المرابط فعلا مقتنعا بالدفاع عن إلغاء تجريم أفعال “الشذوذ الجنسي”، فلماذا يتسائل عن تجريم الأقوال مادام مجرد الاعتراف بالمثلية لا يجرمه القانون ؟؟
الجواب ببساطة أن مشكلة المرابط مع “نور زينو” لا تكمن في كون هذا الأخير مثليا أو حتى في اعترافه بذلك علنا في المغرب، وإنما مشكلة المرابط الحقيقية مع أنور الدحماني تكمن في الاعترافات الأخرى التي أدلى بها حول علاقاته السابقة بـ “خونة الخارج”، لأنها فضحت طريقة اشتغالهم وتنسيقاتهم لاستهداف مؤسسات الوطن.. وهذا طبعا يشمل المرابط ويعنيه باعتباره كان ولازال أحد أبرز العناصر المحركة لشبكة “الطوابرية” بالخارج والمحرضة ضد المغرب.
وما يؤكد كلامي أكثر هو أن المرابط لطالما كان يدعم حقوق المثليين وهو الموقف الذي سبق وأن عبر عنه في تدوينات يعود تاريخها إلى سنة 2017، بل أصبح هذه المرة أكثر وضوحا وجرأة، داعيا بشكل صريح، واضح، وعلني إلى إلغاء تجريم المثلية بالمغرب، ولا بأس من التذكير بتدويناته السابقة.
فمثلا عندما أعلن رجل الأعمال الفرنسي الراحل بيير بيرج (Pierre Bergé) عن زواجه المثلي في ماي 2017، خرج المرابط بتدوينة ادعى فيها أن بيير سيقضي شهر العسل في مراكش، مستنكرا في نفس الوقت حرمان المثليين في المغرب من عيش حريتهم الجنسية مثل الأجانب، وفق تعبيره.
وفي تدوينة أخرى بتاريخ 8 شتنبر 2017، يوم وفاة رجل الأعمال الفرنسي المثلي المذكور، قال علي المرابط في تعليق على تدوينة للصحفي الفرنسي Aymeric Parthonnaud، أن بيير بيرج كان يتبنى قضية المثليين إلا عندما يتعلق الأمر بالمثليين المغاربة الذين كان يقابلهم في المغرب، والذين لم يكن يهتم بمعاناتهم، وفق تعبير المرابط.
وتعليقا على على توقيف 60 مثليا في أذربيدجان في أواخر شتنبر 2017، قال المرابط في تدوينة استنكارية على حسابه في “تويتر”: “أين فرانسوا هولاند عديم الفائدة، الذي ذهب قبل عام للدكتاتور الأذربيجاني ليتملق له؟ في فرنسا، الديمقراطية لنا! وعند أصدقائنا الديكتاتوريين الشرقيين، دع المثليين يموتون!”.
وعليه، فإنه لو لم يكن “نور زينو” قد تاب وتراجع عن تآمره ضد المغرب مع “خونة الخارج”، لكان المرابط ومن يدور في فلكه من أشرس المدافعين عنه اليوم… وربما كانوا سيدافعون حتى عن مثليته، حتى وإن تجاوزت مستوى الاعتراف فقط… ولرأيناهم ينتفضون دفعة واحدة من أجله لو كانت السلطات المغربية قد اعتقلته… ولسمعناهم يقولون: “لقد اعتقلوه بسبب آرائه وليس بسبب مثليته”… ولرأينا المرابط (خلافا لموقفه اليوم) يتحول إلى فقيه في القانون الجنائي المغربي ليقول أن هذا الأخير لا يجرم الاعتراف بالمثلية، بل يجرم الأفعال فقط وأن “نور زينو” لم يرتكب فعلا من أفعال “الشذوذ الجنسي” وأن السلطات المغربية اعتقلته لأنه انتقد النظام والأجهزة… ولكان دفاعه عن إلغاء تجريم المثلية أكثر شراسة من اليوم، حتى يتسنى له ولغيره الاحتفاظ بـ “نور زينو” في كتيبتهم.
ويذكر أن علي المرابط، ليس الصحفي والحقوقي المغربي الوحيد الذي يدعو إلى إلغاء تجريم المثلية في المغرب، بل هناك العشرات، إن لم نقل المئات، من الحقوقيين المغاربة الداعمين لحقوق المثليين، منهم من يقولها صراحة وعلانية مثل عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وخديجة الرياضي الرئيسة السابقة لنفس الجمعية والصحفية هاجر الريسوني التي أعلنت مؤخرا عن إطلاق منصة نسائية جديدة تحمل إسم “هُنَّ” تضع قضية “الأقليات الجنسية” ضمن أولوياتها، إلى جانب عدد كبير من الحقوقيين والصحفيين المحسوبين على نفس “التيار”، ومن منهم من يتستر على دعمه لمجتمع “الميم” وهناك من يراوغ وينافق في مواقفه ويتجنب الإدلاء برأي أو موقف واضح في الموضوع.