بوغطاط المغربي | إلى الإرهابي محمد حاجب وأمثاله ومن يقف وراءهم: الدولة لا ذراع لها حتى يُلوى.. ولا حوار مع مبتز أو مجرم أو مغتصب أو إرهابي أو مخبر عميل

“لازم تعرفوا إن الحكومة ملهاش دراع عشان يتلوي”… عبارة شهيرة في فيلم “الإرهاب والكباب” قالها الفنان كمال الشناوي الذي أدى دور وزير الداخلية في الفيلم، والحكومة هنا المقصود بها الدولة. العبارة تصلح اليوم أكثر من أي وقت مضى للرد على خروج محمد حاجب الأخير الذي حمل تهديدا غير مسبوق للمغرب تحت غطاء “المصالحة” وما أسماه بـ “تصفير المشاكل”… وصالحة للرد على كل الذين يتحركون تباعا في الآونة الأخيرة في تنسيق تام وعلى نغمة واحدة: “الملك زوين واللي ضايرين بيه خايبين” و”بغينا نتفاوضو”.
في بث مباشر على قناته على اليوتيوب، خرج الإرهابي محمد حاجب بتصريحات تحريضية ومهدِّدة لأمن الدولة، متجاوزا كل الخطوط التي تفصل بين “حرية التعبير” والابتزاز.
في نهاية الفيديو، قال حاجب إن المغرب مقبل على خطر خارجي كبير، وإنه “يعلم بوجود هذا الخطر”، قبل أن يربطه بـ”ضرورة حل الملفات” – وفي مقدمتها ملفه الشخصي – باعتبار أن التسوية مع من قدمهم كـ “معارضين” و”معتقلين سياسيين سابقين”هي الطريق الوحيدة لتفادي هذا التهديد المزعوم القادم قريبا.
حاجب أضاف أيضا بأنه “لا يريد أن يكون هو وغيره أداة في يد جهات أجنبية”، لكنه لمّح إلى أنه قد يُستعمل – هو أو غيره – في حال لم تستجب الدولة لما سماه بـ”الحل”، مستشهدا بحالة الإرهابي علي أعراس (دون أن يسميه) الذي قال أنه تحالف مع جهات تريد تقسيم المغرب، في إشارة إلى خونة الريف الانفصاليين المجندين من طرف النظام الجزائري. والأدهى أنه بارك ذلك بنفس المبرر الذي يساوم ويهدد به، قائلا أنه من حق من لم يحصل على ما يريده من تسويات أن يخرب البلاد بأكملها وليس فقط أن يتحالف مع من يريد تقسيم المغرب.
هذا التصريح، إلى جانب كونه تهديدا وقحا، فهو ابتزاز علني صريح باستعمال ورقة الخطر الخارجي المزعوم، الذي لم يحدد طبيعته لكنه أقر بعلمه له… فهل عندما لمح إلى حالة علي أعراس، هل كان حاجب يقصد بالخطر الخارجي، مثلا، إحياء مخطط أعراس السابق بإدخال أسلحة نارية إلى المغرب وسفك الدماء وإثارة الفوضى؟
في ذات الخرجة، اعترف محمد حاجب بمحاولات سابقة لـ”الحوار” بينه وبين المصالح الأمنية المغربية، عبر وسطاء، وزعم أن جهاز المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (DGST) هو من أرسل إليه شخصا لمحاولة التسوية، لكن الحقيقة هي أن العكس هو الذي حصل (وهو ما كشفناه في مقال سابق)، وما يؤكد هذا الأمر، هو الرد السلبي الذي جاءه والذي قال في ذات الخرجة بأنه أغضبه كثيرا…لأن الرسالة كانت حرفيا كالآتي: “لا تفاوض ولا حوار مع الإرهابيين”.
وفي معرض حديثه، قال حاجب إن تقارير صحفية “موجهة من المخابرات المغربية” تروج لعلاقة بينه وبين الاستخبارات الألمانية، في إشارة مباشرة إلى مقال سابق نشرناه بتاريخ 6 أبريل 2025 تحت عنوان “بوغطاط المغربي | هل عادت المخابرات الألمانية إلى عادتها القديمة مع الإرهابي محمد حاجب بالتواطؤ والتنسيق ضد السلطات المغربية؟”، تساءلنا فيه بموضوعية حول احتمال إعادة توظيفه من طرف أجهزة ألمانية في أجندات مشبوهة.. وهو المقال الذي على ما يبدو أغضب كثيرا الأجهزة الألمانية.

تصريحات محمد حاجب الأخيرة لم تكن مجرد انفلات في الخطاب أو تهور لحظي، بل تحمل مؤشرات قوية على أنه يتصرف وفق أجندة موجهة ومدروسة، تتقاطع فيها المصالح بين جهات خارجية وأخرى داخلية، يمكن تقديمها كالآتي:
أوّلًا: الربط المباشر بين ما أسماه بـ”حل الملفات” و”الخطر الخارجي” ليس سوى ورقة مساومة مفضوحة، تُستخدم للضغط على الدولة بهدف نيل مكاسب شخصية أو سياسية تحت تهديد ضرب استقرار البلاد.
ما يقوله حاجب بصريح العبارة هو: إما أن تدفعوا وتسوّوا معنا، وإما أن نخلي الساحة لمن يريد الأذى بالمغرب. وهذا في حد ذاته يُشكّل تهديدا يمسّ الأمن القومي ويكشف عن وجه حاجب الحقيقي كمجرّد أداة تنفيذ في يد آخرين، ليسبمعارض سياسي مستقل.
ثانيًا: تكرار حاجب لعبارات مثل “تصفير المشاكل” و”حوار بناء”، و”الدولة يجب أن تنزل قليلا”، يكشف عن تكتيك قديم يعاد تسويقه بلبوس جديد، مستلهِما تجربة “الإنصاف والمصالحة” خارج سياقها التاريخي والمؤسساتي. والهدف هو خلق مناخ نفسي وسياسي يوحي بأن هناك قابلية للتهدئة مقابل امتيازات، وهو ما سبق أن فشلت فيه عدة محاولات سابقة… لأن الأمر ببساطة لا يتعلق بمعتقلين سياسيين وإنما بمجرمين أدينوا في جرائم حق عام خطيرة… وعلى من يوهم حاجب وأمثاله بهذه الأسطوانة أن يفهم ويستوعب شيئا مهما جدا يمكن اختصاره في عبارة الممثل المغربي رفيق بوبكر الشهيرة : “إذهبوا إلى حال سبيلكم”.
إن سياق الخرجة الأخيرة وحمولتها التهديدية يُعيد طرح السؤال المركزي: من يقف خلف محمد حاجب؟ أو بالأحرى من يقف وراء “الرباعة ديال الطوابرية” الذين -كما قلت- يخرجون تباعا هذه الأيام بتحريض وتغرير من طرف أحد المجاديب الذي هو بدوره مجرد بيدق، هناك من يحركه ويدفعه إلى توزيع الأوهام على البيادق التابعة له ؟
بالنسبة لمحمد حاجب تحديدا، وخاصة بعد نشرنا للمقال الذي تسائلنا فيه حول احتمال إعادة توظيفه من طرف المخابرات الألمانية، فإنه من غير المستبعد أن يكون التحرك الحالي ردا مباشرا على هذا المقال، بإيعاز من الأجهزة الألمانية… حاجب حاول تسفيه المقال دون نفيه، ثم خرج في غضون أيام قليلة بخطاب تصعيدي شديد.
الأسلوب، التوقيت، والمضامين تحمل بصمات هجوم استخباراتي ناعم موجه عبر “واجهة مدنية” مأجورة.
أما الفرضية الثانية، وبالنظر إلى ما نشرناه في تدوينة سابقة بتاريخ 10 مارس 2025، وأعدنا التفصيل فيها في مقال بتاريخ 20 مارس 2025، فإن بعض الجهات التي فقدت نفوذها داخل الدولة، أو كانت منبوذة، تستخدم هذه الأبواق في الخارج كأدوات ضغط أو تصفية حسابات مع أجهزة قوية داخل الدولة، وعلى رأسها DGST، وتحديدا مع الشرفاء الساهرين عليها، ومحمد حاجب وغيره مجرد بيادق يتم تحريكها في لعبة أكبر منهم.


إن ما صدر عن محمد حاجب ليس موقفا سياسيا ولا تعبيرا عن رأي. ما صدر عنه هو بيان تهديد واضح باسم أجهزة أجنبية و”جهات داخلية منبوذة”، هدفها الضغط على الدولة وإخضاعها لمعادلة الابتزاز .والدولة المغربية، التي خاضت تجربة الإنصاف والمصالحة في إطار وطني راقٍ ومع من يستحق، لن تسمح بتكرار تلك التجربة مع إرهابيين أو مبتزين أو مغتصبين أو عملاء مخبرين أو شواذ أو غيرهم.
إن الرسالة واضحة: لا مصالحة مع المجرمين والخونة… ولا تسوية تحت التهديد والدولة أو المخزن لا ذراع لهما حتى يلوى تحت أي ظرف… وخلاصة القول: سيرو تمشيو لحال سبيلكم كاملين !