في إطار البرنامج الإصلاحي الشمولي المتكامل للإدارة المغربية، الذي أعلنه محمد بنعبد القادر، وزير إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية، تحت اسم “الإصلاح التحويلي”، قال سعد بوعشرين الأستاذ الجامعي ومدير معهد الحكامة الدولي بالرباط، إن الأولوية في المغرب، تكمن في تكوين الفاعل السياسي أكثر منه في إعداد السياسيات العمومية.
وأكد بوعشرين في حوار خص به موقع “برلمان.كوم“، أنه وعلى الرغم من أن “المغرب يراهن على التنمية، وتحديث المجتمع في اتجاه الانضباط للقاعدة والقانون، وتحديث منظومة تدبير الشأن العام، ما يعتبر نموذجاً متميزا في العالم العربي، إلا أن تنفيذ السياسات العمومية، لازال يواجه معيقات كبيرة، إذ مازالت الأولوية تنحاز إلى إعداد السياسات العمومية عوض الفاعل السياسي”.
وشدد بوعشرين على أن “تدبير منظومة الشأن العام لم يحتل، سواء في برنامج الحكومة السابقة أو الحالية، موقعا استراتيجيا، وهو ما أكده الخطاب الملكي الاخير بمناسبة عيد العرش”، مرجعا ذلك إلى “تعامل الفاعلين السياسيين مع الإدارة كآلية لتنفيذ السياسات العمومية”.
وارتباطا بمسألة هل يتوفر المغرب على سياسيين قادريين على تقديم مشاريع إصلاحية حقيقية، أوضح بوعشرين “أننا اليوم بحاجة لسياسي قادر على تحديد الفرق بين سياسة عمومية، وبين مشروع عمومي، وبين عملية عمومية، الأمر الذي يتطلب خلق توافقات خاصة على هذا المستوى، وهو ما لا نتوفر عليه، إذ حتى على مستوى البحث العلمي، يصعب في الغالب شرح طبيعة وثيقة البرنامج الحكومي، هل هي برامج؟ أم سياسات؟ هل استراتيجيات؟”.
وتابع بوعشرين حديثه بالقول إن “المشكلة ليست في السياسي، بل في من سيأطره وسيكونه، فرجل السياسة في المغرب “حرايفي”، يقوم بحرفة السياسة، ويسلك كل الطرق للحصول على موقعه، ولديه خبرة تمكنه من التموقع داخل الحزب السياسي، لكنه يبقي أطروحة التدبير العمومي على الهامش”.
وأضاف بوعشرين في تعليق له على عدم انفتاح السياسيين على الخبراء لسن قوانين إصلاحية، أن “المعضلة بالأساس تكمن في حكامة، وأن انحياز السياسي لمصلحته الخاصة أمر تقليدي ومعهود، إلا أن الواجب توفره اليوم، في السياسي، لا يقل عن بعض المؤهلات الكافية لتدبير الشأن العام، وتكوين في الاسترايجية، وفي مجال التدبير العمومي، وأن يحضى بمعرفة كافية في تدبير التحول وفي المعلوميات.