تعددت القراءات من متابعي مواقع التواصل الاجتماعي ما بين أمس واليوم، لحركة رئيس الحكومة المتخلى عن خدماته عبد الإله بنكيران، وهو يشتري سروال قندريسي من أحد “الفرّاشة”، بأسلوب يقارب تشبث سياسي انتهى بأعتاب الشعبوية.
رغم أن النكات التي أبدعها رواد مواقع التواصل الاجتماعي حول صورة بنكيران والسروال القندريسي، ستساهم ربما في زعزعة يقين بنكيران ومن معه بأن الشعب ضاق ذرعا من سياسي منتهي ما زال يحاول إقناع الناس بأنه السياسي الأوحد الأعظم، إلا أنها فتحت باب الأسئلة على مصراعيه مجددا لمساءلة هذا البنكيران عن مثل تلك التصرفات، عن غاياتها، ورسائلها الخفية، والجهات العليا التي يمعن في إرسال رسائل “تقطار الشمع” اتجاهها.
لقد كاد الجميع يتنفس الصعداء عندما قرر بنكيران مغادرة الفضاء الأزرق الذي لم يكن يتقنه يوما باعترافه، وذلك عندما أغلق صفحته الفيسبوكية، حيث كان الاعتقاد السائد هو ان بنكيران استسلم لواقعه المرّ، قبل أن يتبين بأن الرجل يجهز نفسه للذهاب بعيدا في أسلوب الترويج لنفسه شعبويا عن طريق أساليب تقترب بوضوح من تقليد أسلوب الملك.
فبنكيران الذي كان بعد استلامه حكومة ما بعد 2011 يرسل قفشاته حول الفيسبوك، تَنبّه أو نُبّهه بشكل غير مباشر من طرف بعضٍ ممن حوله إلى أن الفيسبوك قد يكون وسيلته لمنازعة الشعبية للملك والتفاف فئات من المواطنين حوله، وذلك من خلال التخلي على الصفحة الرسمية في الفيسبوك، ليتساوى مع الملك الذي لا يملك أي صفحة رسمية بالموقع الأزرق، ثم بعدها اللجوء لتكليف شخص مواز يقوم بتتبع خطوات بنكيران وهو يمشي في الأسواق حيث اختار تقوية هذا الدور من خلال حساب سائقه الشخصي فريد تيتي، تماما كما يفعل ذلك الناشط الفيسبوكي سفيان البحري مع صفحة الملك، قبل تسليم المنتوجات البنكيرانية من صور وفيديوها لقيادات وكتائب البيجيدي التي تتكفل فيما بعد بالترويج لبنكيران بشعارات وعبارات مفخمة الغاية الأولى منها حجز مكان لبنكيران في الساحة، لإثبات شعبيته المصطنعة قبيل محاولة تنصيبه امينا عاما لثالث مرة ضدا على ديمقراطية حزب المصباح الداخلية.
ليس ذلك وحسب هو المثير في صورة السروال القندريسي لبنكيران، بل إن عمده إلى التباهي بصورة اقتنائه لسروال تقليدي من بائع فراش من البائعين المتجولين الرافضين لكل مبادرات الدولة احتضانهم في مشاريع متعددة من الأسواق النموذجية، هفوة أخرى من بنكيران للتشجيع على الفوضى في ممارسة التجارة العشوائية، والتي تبقى أكبر مساوئها التهرب من أداء المستحقات الضريبية التي تعود بالنهاية نفعا على المواطنين، وكذلك تناقضا صارخا مع خطاب بنكيران أيام حكومته حين كان يتبجح بأنه سيسعى لإصلاح “الاقتصاد غير المهيكل”، والذي تعتبر مهنة “الفرّاشة” أهم عناصرها، قبل ان ينقلب اليوم على عقبيه.
فمتى يا ترى يكف بنكيران عن هذه المراوغات اليائسة للعودة إلى الساحة السياسية من بوابات الشعبوية، وهل سروال بنكيران قندريسي هو فعلا “نكتة حامضة”؟!