يصادف اليوم، وللمرة الأولى منذ 425 سنة، احتفالات عالمية بمولد النبيين الكريمين عيسى عليه السلام، ومحمد عليه السلام.
وهذه الظاهرة “النادرة” لا تتكرر كثيرا، حيث أن التقويم الهجري نادرا ما يوافق التقويم الميلادي أو يقترب منه، بحيث تصير أعياد ميلاد النبيين متقاربة، ناهيك عن كونها مجتمعة في يوم واحد.
ويحتفل المسلمون والمسيحيون اليوم، بميلاد أعظم نبيين في تاريخ البشرية، واكثرهما اتباعا اليوم، في معظم بلدان المعمور.
وهي موافقة “مبهرة” لكثير من الناس، خصوصا وأنها حصلت هذه السنة بالذات، حيث شهد العالم في عدد من العواصم احداثا دامية عنوانها الكره والتدمير واقصاء الآخر.
يبدو اليوم كتوافق إلهي، يدعو من خلاله الخالق عباده، إلى الاحتفاء جنبا إلى جنب مع إخوانهم بأنبياء الله جميعا، الذين جاؤوا من مشكاة واحدة، مبشرين بمصير واحد، داعين إلى قيم التسامح والرحمة والمحبة والإعمار.
فهاهو المسيحي يحيي ليلته مستحضرا عظمة المسيح وكرمه وعفوه وتعاليمه التي نشرها في الأرض لمد يد الخير للبعيد والقريب، وتجنب العنف وإذاعة الكلمة الطيبة، كما يصلي المسلم على نبيه محمد، مستحضرا شمائله وأخلاقه العالية، التي لطالما تميزت بالعفو والمغفرة، والصفح والإحسان.
بعد سنة حافلة من التقتيل والترويع، يطل النبيان مجسدين بذكرى قدومهما إلى العالم، داعين أتباعهما في كل مكان، إلى الاعتراف بالآخر ومد يد العون له، بقلب متسامح، بقلب يعرف الله، فيقدس ما خلقه وصنعته يداه.
إنه المسيح الذي قال “فليضئ نوركم هكذا قدام الناس، لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السماوات” متى:16-5، .
وهو الرسول محمد الذي قال كذلك: “إن لله تعالى عباداً اختصهم بحوائج الناس, يفزع الناس إليهم في حوائجهم, أولئك هم الآمنون من عذاب الله” رواه الطبراني.
ودعا المسيح إلى حفظ الدماء فقال: “لا تقتل.لا تزن.لا تسرق.لا تشهد بالزور. ( مت 19: 18 ).
وأوصى النبي محمد فقال: “من أشار الى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه” رواه مسلم.
كما شدد القران على عاقبة القتل، فجاء في القران قوله تعالى بسورة المائدة: “من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا…” صدق الله العظيم.
وعن احترام الأديان والطوائف الاخرى، وكبح نعرات القتل، قال عيسى عليه السلام: “طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يدعون” إنجيل متى.
ليؤكد النبي محمد عليه السلام على ذات النداء بقوله: “من آذى ذميا فأنا خصمه” رواه أبو داوود.
فكثيرة هي تعاليم الإنجيل والقرءان، وأحاديث نبي الله عيسى وخاتم المرسلين محمد، عليهما السلام التي حثوا فيها البشر إلى تقبل بعضهم البعض، والعيش تحت مظلة الله بالعدل والقسط.
فلم يقتل عيسى قط بدافع كره أو عنصرية، ولم يرفع النبي محمد سيفه قط لتغليب رأي أو مناصرة فئة بغير وجه حق.
فكلا النبيين جاءا في أحلك عصور البشرية، لوضع الموازين القسط، ووضع حد لحمامات الدم وإشاعة الحب والسلم، من أجل هدف واحد هو “سعادة الإنسان”.