أعلنت عشرات المواقع الاعلامية والصحف المكتوبة و جهات شبه حقوقية بل حتى شخصيات حكومية تضامنها مع المواطن ناصر الزفزافي، وهب عشرات المحامين والبرلمانيين والفاعلين المدنيين والحقوقيين إلى توجيه اتهامات لا تحصى للدولة و لوزارة الداخلية ولمصالحها الأمنية بدعوى أنها تستهدف كرامة الزفزافي أو تتلاعب بمشاعره خاصة أنه سجين أو أنه “مسلوب الإرادة” كما حلا للبعض تسميته.
وها نحن في موقع “برلمان.كوم” نضم أنفسنا إلى كل المتضامنين والمناصرين، لكن دون أن نصطف معهم في الصف الميكيافيلي الذي اختاروه لأنفسهم.
نعم نقولها بأعلى أصواتنا ونكتبها بأرقى أقلامنا بأننا نتضامن مع المواطن السجين ناصر بن محمد الزفزافي أطلق الله سراحه وفك أسره، ضد كل هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم مدافعين عنه في غيابه بأقلامهم، أو بادعاءاتهم، أو بتتصريحاتهم وتدويناتهم، أو بأوهامهم، وهم إنما يغتصبون بذلك إرادته، ويتسلقون فوق جدار رغباته وأحلامه، بل إنهم يركبون فوق مطية مطالبه، قضاء لحاجاتهم القذرة، والعياذ بالله، وإشباعا لرغباتهم المكبوتة، وحقدهم الدفين، واسترضاء للهفتهم إلى الشهرة والمجد.
وبأسلوب المخاطب، فقد هبوا اليوم لنصرتك بسيف “كيشوتي” من الخشب، فبدوا وكأنهم يحاربون طواحين الهواء فوق خيول بلاستيكية صنعوها لأنفسهم، وامتطوها حالمين بأن يحققوا باسمك ونصرتك ما لم تستطع تحقيقه الأيديولوجيات القديمة أو التي عفا عنها الزمن، كالشيوعية، والاشتراكية، والماركسية، واللينينية، و الإسلاموية، بل إنهم فقدوا كل البوصلات التي يمكن أن تؤدي إلى تحقيق أوهامهم واحلامهم الصغيرة، فاكتفوا بإطلاق العنان لألسنتهم كي يتغزلوا في خيالك، ويقولوا شعرا في قسماتك وقوامك، ويتلمسوا جدار بيتك تيمنا ببركاتك.
إننا نشعر أنك في سجنك لا يمكنك أن تواجه كل هؤلاء المتسابقين، والمتلهفين، والمتملقين، والوصوليين، هواة الأزمات والنكبات، والمتعطشين للأحداث الصاخبة ، والدموع الكاذبة، والمختفين وراء حجب الفضائح الصحفية، والهزات السياسية والخطايا الانسانية، بحثا عن المال و الشهرة أو رغبة في النجومية…
إننا في “برلمان.كوم” نعتبرهم جزارين للحلم البشري، باحثين عن الوهم، كالضباع التي تلهث وراء الأسود بحثا عن فريسة يصطادها القدر أو تنهكها المصائب.
نحن نعرف مسبقا أنك لو كنت حرا طليقا خارج السجن، لقلت فيهم كلمتك الحق، ولتبرأت من وصوليتهم الذنيئة، كما تبرأ الذئب من دم يوسف، ولما قبلت بهم أنصارا يرغبون في مطيتك كي يركبوها، وفق أهوائهم، وأهدافهم، وأحزابهم، وايديولوجياتهم الزائفة.
لقد تبرأت أمام قاضي التحقيق من حزب بكامله، وقلت أنه جزء من مشاكل المنطقة، بل قلت فيه ما لم يقله مالك في الخمر، ومع ذلك لم يسمعوا لصراخك أمام قاضي التحقيق، وواصلوا تمسكهم بتلابيب لباسك الأزرق لتنقذهم من الهزائم الانتخابية التي وقعوا فيها، ومن الويلات السياسية التي تمرغوا في وحلها، ولتمحو عنهم عار مسيرة البيضاء، وتجدد لهم عذرية أفقدها لهم الشعب بإرادته حين لم يمنحهم ثقته.
إننا نعرف جيدا، أن هؤلاء القادمين من بعيد كي يدافعوا عن ناصر الزفزافي، أو أولئك المستيقظين من نوم الكهف كي يصنعوا لهم مجدا جديدا باسم ناصر الزفزافي، ما هم إلا فاشلين وجبناء، كبت فرسانهم كبوة لم تنهض بعدها، فأرادوا أن يصنعوا من فوقيتك الزرقاء ثوبا يغطوا به سوءاتهم الحمراء وعوراتهم اللعينة.
إنهم كآكلي الثوم يستلذون بحلاوته ويؤذون الآخرين برائحة افواههم او كآكلي الفول والخوخ حين يغلبهم النوم فلا يعلم بحالهم إلا الساهر بجوارهم:
“نوصيك يا واكل الخوخ من عشرة رد بالك
في النهار تظل منفوخ و في الليل تبات هالك”
إنهم بأحلامهم التي لا تعلو أحلام الفئران، لا يرغبون اليوم بأن يصنعوا من لحيتك، ذات اللون البني، عرائس لأحلامهم ، يتلمسونها بالنهار ويتحسسونها بالليل.
ومنهم من أجمع أمره وشد هامته، وأراد أن يجعل منك جوادا يركب صهوته، أو يتيمن بفروة رأسه وحدوة حوافره..
إنهم اليوم وهم في هذه الحال، لاهم بأشباه الرجال، ولا هم بأشباه ربات الحجال،
أقول له: عمرا فيسمعه سعدا *** ويكتبه حمدا وينطقه زيدا
يتبركون بصورك كما يتبرك الزائر بقبور الأولياء الصالحين، ويرجون مودتك وقربك كما يرجوها الخليل من خليله، فهذا يمدح، والآخر يتغزل، والثالث يحرسك في الغياب، والرابع يبكيك في الذهاب والأياب، والخامس يحلم بأن يراك في وجه القمر، “وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ”.
ها نحن قلنا ما لم يقدر على قوله “وضيع” مهان، وكشفنا ما لا يجرؤ على كشفه فلان أو علان، فلا بعنا باسمك صفحة مكتوبنا، ولا اشترينا بشهرتك قراء لموقعنا، ولكننا نعرف جيدا أن الوطن الذي يضمك ويضمنا أحن عليك وعلينا من أحلام هذه الشرذمة الخطيرة من المتلهفين والمنافقين وباعة الوهم والسراب.
أنت مواطن متهم بتهم وحده القاضي من سيحكم فيها، ونحن صحفيون من واجبنا إخبار القارئ في الحقيقة، أما المنافقون الذين يبحثون عن مآسي الوطن والمواطنين فنحن في مواجهتهم لكي لا يسعوا في الأرض فسادا أو يعبثوا بنوايا المكلومين.
لو عرفتهم يا ناصر لوليت هاربا منهم ولو رأيتهم لقلت فيهم ما قال بشار بن برد حين سأله رجل ثقيل الدم :- ماأعمى الله رجلا إلا عوضه فبماذا عوضك ؟
فأجابه بشار بن برد:”بأن لاأرى أمثالك..!!”