الأخبارسياسةمستجدات

بان كي مون متلبسا بخدمة الأجندة الجزائرية في التوقيت الذي اختارته الجزائر؟

الخط :
إستمع للمقال

يريد البعض أن يربط استفزاز الأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي مون ،للمغرب بزيارته وتصريحاته بقرب نهاية ولايته وسعيه للظهور بمظهر الفاعل في الحياة الدولية.

لكن هذا الربط متعسف وينطوي على تبرير لتحرك الأمين العام للأمم المتحدة في طريق منحرف عن ميثاق وأهداف المؤسسة الأممية والتصرف المفترض الالتزام به من طرف مسؤول أممي يقدر مسؤوليته حق قدرها وينأى بها عن العبث والطعن.

ذلك أن المتتبع للنزاع المغربي الجزائري في المدة الأخيرة لن يفوته تسجيل أن زيارة بان كي مون للمنطقة، التي كان مقررا لها أن تتم في نونبر الماضي وتم تأجيلها وحذفت منها الوجهة المغربية، اختير لها توقيت، سابقا ولاحقا، يساير الأجندة الجزائرية المكشوفة ويستجيب لها دون مداراة أو تمويه أو لياقة، وهذا في حد ذاته خطاب جزائري محمول من طرف كي مون. فالزيارة تنخرط فعليا وزمنيا في الحملة الجزائرية التي يقودها وزير الخارجية رمطان العمامرة، مدعوما بالجنوب إفريقيين، بلا كلل وبعدوانية ظاهرة منذ فشل كريستوفر روس وبان كي مون في تمرير القرار الهادف إلى تغيير مهمة المينورسو وفرض وضعية يصبح فيها الانفصاليون قادرين على جعل المغرب أمام الأمر الواقع مكتوف الأيدي ومحاصرا ببعثة أممية تفرض الوصاية.

ذلك أن زيارة كي مون لتندوف، بعد تنسيقه مع النظام الجزائري، تأتي متزامنة وعدد من الأحداث .ولا يحتاج المرء إلى ذكاء خارق ليكتشف الروابط بينها و اندراجها كلها في خطة تهدف إلى إلحاق أضرار جسيمة بالمغرب ككل ولا تستهدف وحدته الترابية وحدها، ومنها العدوانية المتزايدة للاتحاد الإفريقي ضد المغرب التي وصلت إلى حد الدعوة إلى عزل المغرب ومقاطعة شركاته، الذي يعبر عن تطرف يبغي المتورطون فيه إرضاء النظام الجزائري وتبيان التجاوب الأقصى مع أحقاده، وكذلك للقرار الصادر عن المحكمة الأوروبية القاضي بوقف الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الذي أحرج الأوروبيين قبل غيرهم نظرا لطابعه السياسي المضر بسمعة القضاء الأوروبي وبمصداقية التزامات الاتحاد الأوروبي تجاه شركائه، و استمرارا السعي إلى إسقاط اتفاقية الصيد البحري وممارسة كل أنواع الضغط والإغراء على الشركات الدولية، وعلى رأسها شركات التنقيب عن المحروقات، لوقف استثماراتها في المغرب كله وليس في الأقاليم الجنوبية وحدها، والسعي بكل الوسائل لعزل المغرب والمغاربة في عدد من المنتديات الدولية، بما فيها منتديات المجتمع المدني، والتحرك نحو أوروبا الشمالية لخلق اختراق في الموقف الأوروبي انطلاقا من البلدان الاسكندنافية الجاهلة بالمعطيات الإقليمية في حوض المتوسط وتجييش بعض اللوبيات والمنظمات، بحيث يأتي تحرك الأمين العام للأمم المتحدة مندرجا في إطار كل هذا ويطرح سؤالا كبيرا حول المنظمة الدولية ومدى توفر آليات للحد من تجاوزات مسؤوليها وتغليبهم لنوازع أو مواقف شخصية درءا لخروجها عن سكتها وتحويلها من منظمة تسعى للسلم والاستقرار العالميين إلى منظمة لإشعال فتائل الأزمات ومفاقمتها عندما توجد.

إن الأمم المتحدة توجد اليوم أمام حالة خروج عن الإطار المرسوم لها في ميثاقها بتعمد رئيس موظفيها بمجيئه لمنطقة حابلة بأسباب التوتر ومهددة بأخطار الإرهاب والانفجارات الإثنية والقبلية والجريمة العابرة للحدود والهجرة السرية، وتعاني من الهشاشة المؤسساتية وخطر الفشل والفوضى، صب الزيت على النار بدل إخمادها. وهذا ما يتطلب من مجلس الأمن تحمل مسؤوليته لإعادة الأمور إلى الطريق الصحيح.

فاستغلال المنظمة على هذا النحو أمر لابد وأن يخلق تخوفات لدى الجميع في هذا الوقت الذي يمر فيه العالم بتحولات عميقة، ليس ما يحدث في الشرق الا الجزء الظاهر منها. فلا توجد دولة بعد هذا يمكن أن تثق في حياد المنظمة الأممية وموظفيها مادام أمينها العام قد تجرأ على بلد عضو وتصرف خارج القواعد واعترف بمن لا يحظون بالاعتراف الدولي والتقى بهم تحت راية لا وجود لها فوق بناية الأمم المتحدة وحيا بشارة النصر انفصاليين في إشارة لدعمه لهم، وزاد على ذلك بأن صدرت عنه تصريحات تتجاوز واجب التحفظ.

إن المغرب والحالة هذه يجد نفسه أمام أمين عام للأمم المتحدة منحاز لأعداء وحدته الترابية ومنخرطا في مخططهم الشامل ضد المغرب، فكيف يمكن له أن يتعامل مع المنظمة الأممية دون تخوف من تأثيره على كل ما يتعلق بمصالحه الحيوية؟

هل كان بان كي مون ضحية تأثير من محيطه وأعمال اللوبي ورطه في موقف من نزاع لا يبدو أنه يملك نظرة شاملة ومكتملة عنه؟

هذا احتمال من بين احتمالات أخرى، خصوصا إذا ما أخذ بعين الاعتبار تصرف مبعوثه الشخصي المنحاز للجزائر، التي تربطه بحكامها علاقات خاصة، الذي كان وراء فشله في أن يكون وسيطا يسهل الحل السياسي الذي يجنب المنطقة أزمات لا تخدم بلدانها ولا شعوبها. لكن هناك أيضا احتمالات أخرى.

ذلك أن بان كي مون يتجه فيما يبدو للتحرك بسرعة وكثافة على بعد أشهر من نهاية ولايته. ومن المحتمل أن يكون وراء تحركه حساب شخصي.

ولأنه رجل سياسي تدرج في المناصب وجرب السلطة في بلده، قبل الانتقال إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة قادما إليها من وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، فإن ما بات يهمه اليوم ليس دوره على رأس إدارة المؤسسة الأممية، القريب من النهاية، وإنما مستقبله السياسي في بلده، فهو ليس من النوع الذي يمكن أن يفكر في التقاعد أو المهمات الإنسانية، وليس كذلك من النوع الذي يقبل بأن ينخفض درجة عما وصله إلا مضطرا.

ولذلك يظهر اليوم، وقبل أن تتكشف النوايا بكامل الوضوح، أنه بدأ التحرك لتعبيد الطريق للعودة إلى الحياة السياسية ببلاده بطموح تولي المسؤولية الأولى بها. وتعتبر تحركاته الأممية جزء من حملة شخصية لجعل تلك العودة قوية بالصدى الخارجي والسمعة الدولية التي يريد دعمها بضربات قوية. لكن ذلك لن يكون كافيا، لذلك يسعى منذ الآن ‘لى عقد تحالفات والبحث عن أسواق مستقبلية تجعله يكون صورة بطولية في بلد يهمه أولا أن يحوز أسواقا وصفقات جديدة وليس التدخل في النزاعات الخارجية، مادامت نزاعاته الإقليمية تشغله عما عداها، وعلى رأسها النزاع مع شقيقته كوريا الشمالية التي تفرقه عنها الإيديولوجيا والنظام الاقتصادي والاجتماعي وحسابات القوى العظمى. والجزائر يعتبرها المتعاملون سوقا تتوفر على ريع البترول والغاز.

تحرك الأمين العام للأمم المتحدة لفائدة الموقف الجزائري في النزاع المغربي-الجزائري لا تحركه العواطف، فهذا النوع من السياسيين بعيد عن العواطف وتحركه الحسابات والمصالح. ولن تتأخر حساباته والمصالح التي يسعى إليها في الظهور. ويخشى أن يكون تحركه هذا تحضيرا لشيء آخر، وناطقه الرسمي قال أنه يفكر في تقرير من نوع مغاير لتقاريره السابقة، وهو ما يعني ضرورة التحرك الآن لإعادة تأطير بان كي مون ووقف التجاوز الذي قد يكون وبالا على المنطقة التي تعيش اليوم في خطر وقد يزداد الخطر إذا ما انهار الوضع الجزائري الهش والذي تسعى الديبلوماسية الجزائرية إلى إنقاذه بالاستنجاد بالخارج وتأجيج العداء ضد المغرب واستعمال ورقة الانفصاليين كورقة توت. والتحرك المطلوب يجب أن يكون عقلانيا ودقيقا وسريعا وبعيدا عن غوغائية الغوغائيين الذين يسيئون أكثر مما ينفعون كما يتبين من السيدة التي استضافتها فرانس 24 وقامت في الواقع بدعاية مضادة للقضية التي تخيلت أنها دافعت عنها. وأمثال هذه السيدة التي تجيد السب، كما يتبين من فيديو تظهر فيه، يجب أن يلزموا حدودهم وينصحوا بعدم الترامي من طرف من له علاقة بهم.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. desole pour la situation avenir dramatique entre les deux payes freres marroalgerie.esperant que les deux peuples freres seront concients en eviteront lavenir dramatique jai de lespoir pour les deux peuples freres.

  2. تحليل دقيق
    ان بان كي مون يتجه فيما يبدو للتحرك بسرعة وكثافة على بعد أشهر من نهاية ولايته. ومن المحتمل أن يكون وراء تحركه حساب شخصي.
    يسعى من الآن ‘الى عقد تحالفات والبحث عن أسواق مستقبلية تجعله يكون صورة بطولية في بلد يهمه أولا أن يحوز أسواقا وصفقات جديدة وليس التدخل في النزاعات الخارجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى