بالفيديو.. الإرهاب بالمغرب كان يعتزم استهداف مقرات أمنية حساسة وأسواق ممتازة
أماط المكتب المركزي للأبحاث القضائية، اللثام عن حيثيات مثيرة تتعلق بخلية “الأشقاء الثلاثة”، حيث كان هؤلاء الشباب، يطمحون إلى الالتحاق بمعسكرات تنظيم داعش في منطقة الساحل، بعد أن أعدوا مشروعهم الإرهابي الذي كان يهدف إلى تنفيذ سلسلة من الهجمات المدمرة، إذ كانت عيونهم مليئة بالأفكار المتطرفة، لكنهم لم يدركوا أن يقظة الأجهزة الأمنية ستقف حائلا أمام أحلامهم القاتلة.
وبفضل الجهود الحثيثة والمراقبة الدقيقة، تمكنت السلطات الأمنية من التصدي لهذا المخطط الخطير قبل أن يتحول إلى واقع مؤلم، وكانت لحظة الكشف عن تفاصيل العملية بمثابة تنبيه للجميع أن الأجهزة الأمنية في المملكة المغربية على كثير من اليقظة، وذلك ما كشف عنه مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، حبوب الشرقاوي، معتبرا أن الخلية الإرهابية الأخيرة كان أعضاؤها يحضرون للقيام بعمليات تفجيرية تستهدف مقرات أمنية حساسة.
المسؤول الأمني، خلال عرضه، أوضح أن الأبحاث المنجزة مع عناصر خلية “الأشقاء الثلاثة” كشفت أنهم كانوا يرغبون في الالتحاق بمعسكرات تنظيم داعش بمنطقة الساحل فور الانتهاء من تنفيذ مشروعهم الإرهابي، بل إن الشقيق الأكبر كان يعتزم نقل أبنائه الخمسة معه إلى هذه المنطقة، وهو ما يكشف بجلاء بأن التنظيمات الإرهابية في مختلف بؤر التوتر أصبحت تراهن على توفير “ظروف الإعاشة والإيواء” لجذب واستمالة المقاتلين وعائلاتهم من مختلف دول العالم.
وقال الشرقاوي: “أصبحت منطقة الساحل تشكل مصدر تهديد حقيقي بالنسبة للمملكة المغربية، بالنظر إلى بروزها كعلامة مشتركة بين أغلب المتطرفين الذين تم اعتقالهم منذ 2022، حيث إن معظمهم خَطّط للقيام بمشاريع إرهابية بالمغرب قبل الالتحاق بهذه المنطقة، كما أن قياديين بارزين في تنظيم داعش بمنطقة الساحل كانوا ينهضون بمهمة التوجيه والتأطير عن بعد لصالح الخلايا المحلية، مثلما هو الشأن بالنسبة لخلية حد السوالم الأخيرة”.
وأكد الشرقاوي أن المعطيات الإحصائية تشير “بأن السلطات المغربية فككت أزيد من 40 خلية إرهابية على علاقة وطيدة بفروع القاعدة أو “داعش” بالساحل الإفريقي، كما أنها رصدت منذ نهاية سنة 2022 مغادرة 130 من المتطرفين المغاربة إلى ساحات “الجهاد” الإفريقية في الصومال والساحل، وهو ما يكشف بوضوح حجم التهديدات المرتبطة بهذه المنطقة على الأمن والاستقرار في المحيط الإقليمي”.
وتابع قائلا: “كدليل على حجم هذه التحديات، نشير إلى أن العديد من المقاتلين المغاربة الذين انخرطوا في صفوف “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” و”جماعة التوحيد والجهاد بغرب إفريقيا” و”جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” و”داعش”، كانوا يسعون إلى توسيع نشاط جماعاتهم داخل المملكة المغربية، بل إن العديد منهم أسندت لهم مهام قيادية، والبعض الآخر تورط في عمليات إرهابية خطيرة، مثلما هو الحال بالنسبة للهجوم الذي شنّه فرع “داعش” بالصومال على ثكنة عسكرية للقوات الصومالية بمنطقة بونتلاند بتاريخ 31 دجنبر 2024، والذي عرف مشاركة مغربيين كانتحاريين في عملية التنفيذ”.
كما ذكر المسؤول الأمني أن “المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني كانت سباقة، منذ مدة، لتحذير المنتظم الدولي بالاهتمام المتزايد لتنظيم القاعدة بمنطقة الساحل الافريقي، والتنبيه كذلك إلى أن هذه المنطقة ستتحول إلى قطب جهوي للتنظيمات الإرهابية الدولية”.
وحول النوايا والأهداف التي كانت تريد تنفيذها خلية الأشقاء الثلاثة، أعلن الشرقاوي أن العمليات الميدانية والأبحاث الأمنية المنجزة، كشفت بأن عناصر هذه الخلية الإرهابية الأخيرة كانوا يحضرون للقيام بعمليات تفجيرية تستهدف مقرات أمنية حساسة، فضلا عن أحد الأسواق الممتازة، ومحلات عمومية تستقبل الزبائن والأجانب.
وأشار الشرقاوي إلى أنه في إطار مخططهم الإرهابي المدروس، انخرط أفراد خلية “الأشقاء الثلاثة” في عملية سرية معقدة، حيث قاموا بتصوير المقرات المستهدفة من زوايا متعددة لتحديد نقاط الولوج والمنافذ، كما قاموا برسم خرائط تقريبية للمسارات المؤدية إلى تلك المواقع، مما يعكس مستوى التخطيط المتقدم الذي بلغوه، وكانت عقولهم مشغولة بتفاصيل دقيقة، لكنهم لم يدركوا أن يقظة الأجهزة الأمنية كانت تراقب تحركاتهم عن كثب.
وبخصوص الجانب اللوجيستي، استثمر أعضاء الشبكة في اقتناء مواد كيميائية ومعدات للتلحيم، تمهيدا لصناعة المتفجرات، حيث راهنوا على تنويع محلات العقاقير كوسيلة للتضليل، ظنًّا منهم أنهم يستطيعون إخفاء نواياهم عن الأنظار، لكن هذه الحيل لم تكن كافية، حيث كانت السلطات على دراية بكل تحركاتهم، مما أسفر في النهاية عن إحباط مخططهم قبل أن يتحول إلى تهديد حقيقي لأمن وسلامة المواطنين.