أثار تأكيد وزير الخارجية الفرنسي الجديد، ستيفان سيجورنيه، السبت الماضي، اعتزامه بذل “قصارى جهده في الأسابيع والأشهر المقبلة للتقريب بين فرنسا والمغرب” وإشارته إلى أن “رئيس الجمهورية طلب منه الاستثمار شخصيا في العلاقة الفرنسية المغربية وأيضا كتابة فصل جديد في العلاقات بين البلدين”، عدة تساؤلات أبرزها هل يفتح المغرب صفحة جديدة مع فرنسا؟ وماذا ستحمل في سطورها؟
وتعليقا على ذلك؛ أبرز العباس الوردي، أستاذ القانون العام بجامعة محمد الخامس بالرباط والمدير العام للمجلة الإفريقية للسياسات العامة، في تصريح لـ”برلمان.كوم“، أنه “عندما يتحدث ناطق رسمي باسم الدبلوماسية الفرنسية في شقها الخارجي فهو لا يتحدث من فراغ”.
واعتبر الخبير السياسي أن “هناك توجها ربما لإعادة البنية الدبلوماسية الفرنسية-المغربية على أساس التشاور والحوار وعلى أساس الالتفات إلى الدور الذي يلعبه دائما المغرب لانتصار مجموعة من الملفات الكبرى على مستوى المنتظم الدولي ولبقاء وثبات المملكة المغربية على مسافة محترمة في إطار المحافظة على مصالح مجموعة من المقاولات والمستثمرين على مستوى المغرب، في إطار احترام التوجهات الكبرى التي تقودها الدول لخلق بنيات للاقتصاد وللعمل الدؤوب والبناء المرتبط بالسياسة الخارجية للدولة”.
وقال الوردي: “أعتقد أن هذه التوليفة ربما ستكون بمثابة إعادة القطار إلى جادته وكذلك الإنصات إلى النبض الدبلوماسي في إطار توحيد الرؤية وإرجاع العلاقة المغربية الفرنسية إلى أوجها وإلى متانتها. وهذا في صالح الدولتين والمنتظم الدولي الذي يعرف الكثير عن العلاقة التقليدية التي تجمع بين الشريكين الاستراتيجيين، المغرب وفرنسا، بعيدا عن أية إشكالات وتجاوزات كما كان الشأن في الفتور الذي شاب العلاقات المغربية الإسبانية.
وأشار الوردي إلى “أن المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية هما شريكان تقليديان ولكن هذا الركود وهذا الماء الآسن من السياسة الفرنسية تجاه المملكة المغربية قد كرس شيئا من عدم الوضوح والضبابية تجاه مجموعة من الملفات التي كان على فرنسا وعلى ساكن قصر الإيليزيه أن يأخذ فيها بعين الاعتبار مصالح المملكة المغربية ومصالح فرنسا وللشراكة الاستراتيجية والتقليدية”.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية على أنه “قلما نجد شركاء جيدين موثوق بهم على مستوى المنظومة الدولية كالمملكة المغربية، وقلما نجد كذلك دولا تتعامل على أساس الصراحة والبراغماتية وعلى الأساس البنيوي والربح المشترك.. وبالتالي ففرنسا تعرف جيدا بأن المغرب لن يتنازل عن قضاياه الاستراتيجية والمصيرية، كقضية الصحراء المغربية..”.
وتابع: ” لقد أخطأت الدبلوماسية الفرنسية في التعامل مع هذا الملف بدرجة أساسية عندما لم يتفاعل مع التوجه الذي ارتدته مجموعة من الدول، عبر تناسل اعترافات بحجية ومشروعية ومقبولية الحكم الذاتي والبقاء في حالة صمت وجمود.. وبالتالي فهذا التوجه له مصوغاته لأن المملكة المغربية لها وزنها على مستوى المنتظم الدولي كما للجمهورية الفرنسية وزنها أيضا. وهذا التكامل لا يمكن أن يكون إلا على أساس التقارب المبني على الأجندة المتقاربة المعالم وكذلك المحددات والأولويات كما هو الشأن في العلاقات المغربية الإسبانية”.