هذه الأمة المغربية تحمل في جيناتها موروث إنساني عميق، هذا الشعب يبهر بمواقفه العملية، يفضل العمل على كثير من القول والخطابات والشعارات الفارغة، فقد رسم لوحة انسانية رائعة، سطرها بمداد من العز والكرامة، وتجلت هذه اللوحة في اربع علامات في الطريق:
اولا في التبرع بدمه للمصابين من اثار الزلزال، فمنذ أن سمع نداء الحاجة إلى التبرع بالدم، حتى لبى نداء مراكز التبرع به، الى حد ان في بعض المراكز فاق العدد قدرتها وطاقتها على الاستيعاب،
وتجلت ثانيا في انطلاق قوافل الخير من الشمال و الغرب و الشرق للمملكة في اتجاه الجنوب، فالطريق شاهد على مئات الشاحنات المحملة بكل الحاجيات، و من كل مناطق المغرب، قوافل غراس الاخرة، بروح الايمان والانسانية، استجابة لنداء الوطن و نداء للمحتاج، و انسجاما مع الإرادة الملكية بان يكون المغاربة اولى بهذا الواجب من غيرهم،
ثالثا و لا شك في ذلك كما جاء في البلاغ الملكي، انه ستنطلق بل انطلقت عملية رعاية الضحايا، رعاية صحية واجتماعية ونفسية وتوفير المأوى، مواقف تبهر العالم في التٱزر و التكفل بالايتام
ورابعا معركة ما بعد الغد وهي معركة الاعمار، اي إعادة اعمار ما تهدم الزلزال، فقط نعاني من إعلام عمومي وأحزاب ليست في مستوى هذه الأمة المغربية.
قد يقول قائل لماذا لم يفتح المغرب الباب على مصراعيه للمنظمات غير الحكومية والدول لمساعدته، وهنا لابد من الاشارة ان كثيرا من المنظمات الدولية ليست جمعيات إحسانية، فوراء الخدمة الاكل من صحن السيادة، وجمع التفاصيل او المعلومات، وقد يكون مجيئها دون فائدة كبيرة، اللهم الصور عبر شاشات العالم، و تسويق صورة لبلدانها، لأن ذلك اصبح جزء من القوة الناعمة، و أكثرها لبناء صورة جيوسياسية فقط، على حساب البلد وضحاياه، بمعنى ان هناك كثير من السراب وقليل من الماء.
لدى اختار المغرب عملية الانتقاء، وتحديد حاجياته بعد المسح، وجمع المعلومات، و رصد الحاجيات الفعلية والحقيقية، وهنا سيكون الاختبار لمن هو جاد في المساعدة.
تبقى الإشارة اننا امام زلزال و حسب الخبراء، لعبت فيه جبال الاطلس دور الامتصاص لضربة كانت ستكون قاسية على مدنه، فمرة أخرى ظهرت نعمة الله على المغاربة بهذه الجبال التي خففت عن مدنه.
لا ننسى أن ما وقع بالمغرب هو زلزال بما يعادل 30 قنبلة ذرية، وفي جغرافية جد صعبة، هذه محنة لتحديد نقط السكن وإعادة الاعمار، و لا يمكن الموافقة على البناء في اي نقطة كانت؟!! وكثير من الدروس والعبر سيستخلصها العقل المغربي عقل الذكاء والابداع.