الأخبارسياسةمستجدات

“الكُوجِيــتُو البنْكِيــــراني” ومقاصد الإفـكِ والبُهتانِ

الخط :
إستمع للمقال

أن يقول المرء كلاما في عز سطوته وسلطته واعتلائه كرسي الزعامات، ويأتي بغيره وقد هوى من عليائه، يبقى شأنه وإن عد أمام الله وعند الناس منافقا أفاكا؛ أما وأن صاحب المقام موضوع المقال هو عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة السابق، المعفى من رئاسة الحكومة الحالية قبل استبداله بزميله في حزب “المصباح” سعد الدين العثماني، فإن الأمر يتجاوز سقف النفاق وعنان الإفك والبهتان.

أتذكر حين كانت ثلة من الناس وكثير من مريدي “العدالة والتنمية” يشككون في الرواية الرسمية حول وفاة عبد الله باها رحمة الله عليه كيف كان عبد الإله بن كيران يعتلي منصات الخطابة منفوخ الأوداج غاضبا مزمجرا في وجوه هؤلاء، نافيا ما ذهبت إليه عقولهم “الصغيرة” وصورت لهم أنفسهم “الدنيئة”، جازما في أمر وفاة رفيق دربه بعد أن قطع دابر الشك بسيف اليقين وقد كرر غير ما مرة بعظمة لسانه بأن عبد الله باها مات دهسا بالقطار وأن الواقعة كانت قضاء وقدرا لا دخل فيه للجن أو البشر.

فماذا تغير بين الأمس واليوم ليخرج رئيس الحكومة السابق بتصريح – والعهدة على الزميل جمال بودومة – ليفتري كذبا ويشكك في أسباب وفاة عبد الله باها وزير الدولة قيد حياته؟ أطرح هذا السؤال لعل “عمو” بن كيران يستعيد ذاكرته ويلعن الشيطان بعد أن نزغه نزغا ويستعيذ بالله؛ لأن الشك الذي قفز إلى سقف رأسه باطل أريد به باطل وسينزع عنه بالتأكيد صفة رجل الدولة الحريص على مصلحة البلاد والعباد، اللهم إذا نسخ صاحبنا الكوجيتو الديكارتي “أنا أفكر إذن أنا موجود” على غفلة منا واستبدله بالكوجيتو البنكيراني “أنا أشك إذن أنا موجود”.

لا أتمنى أن يكون بن كيران الذي شنف أسماعنا حين كان رئيسا للحكومة بأجمل ما قد يوصف به المغرب من ديمقراطية وسيادة القانون وبأنه يتحمل مسؤولية ما يقول ويقوم به، قد أصابه الخرف أو الزهايمر السياسي، وهنا سأجد له عذرا يعفيه من تبعات تصريحه الخطير، أما غير ذلك، فإن الأمر شبيه بمن استأنس دفء الكرسي فلما تزحزح من فوقه ووجد نفسه خارج دائرة الأضواء فكر وقدر ثم دبر أمرا في ليل ليلفت إليه الانتباه ويخلط الأوراق من جديد.

رجل الدولة يا صاحبي يحرص على مصلحة وطنه قبل مصالحه الحزبية والشخصية وإن كنت تريد من التاريخ أن يدرج اسمك ضمن لائحة رجال الدولة الأفذاذ فما كان عليك أن تنزل إلى الحضيض، وتحسب أن عود الثقاب الذي رميته سيسقط فوق كومة من القش ويشعل الأرض نارا، وإن كنت تعتقد أن بمثل شطحاتك وشطحات حوارييك ستقلب الطاولة فأنت وإياهم واهمون.

وفي الختام وبعد حمد الله، أذكرك بأن لهذا الوطن رب يحميه ومؤسسات ترعاه وشعب يميز الطيب من الخبيث.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى