القطع الفرعونية المصرية تفضح لصوصية الغرب الثقافية وما أدراك ما اللصوصية
وأخيرا تتمكن مصر من استرداد قطع أثرية معروضة في متحف اللوفر طالبت بها منذ سنوات، ولم تحصل عليها إلا بعد أن هددت بتعليق تعاونها مع المتحف، فيما يخص الشؤون الأثرية، ما لم تستعد هذه القطع، وهي عبارة عن خمسة أجزاء من جدارية أثرية تعود إلى قبر أحد أعيان الأسرة الثامنة عشرة (1550 ـ 1290 قبل الميلاد)، وحصل عليها متحف اللوفر بطرق ملتوية.
وقررت وزارة الثقافة الفرنسية استرداد هذه القطع بناء على اقتراح مجلس اللوفر ورأي الهيئة العلمية الوطنية للمتاحف بفرنسا، فيما ارتأت رئاسة الحكومة الفرنسية إعادتها إلى السفارة المصرية بباريس. وهذه هي المرة الأولى التي يعيد فيها متحف اللوفر قطعا أثرية بعد أن توصل من مصر برسوم تظهر أن هذه الرسومات كانت في مكانها في القبر في أواسط السبعينات، قبل أن تحصل عليها فرنسا في العامين 2010 و2011 ب”حسن نية”، كما زعم هنري لويريت، مدير متحف اللوفر، فيما أكد المجلس الأعلى للآثار المصرية أن المتحف كان على علم بأن القطع الأثرية انتزعت من جدران قبر من قبل لصوص آثار سرقوها في ثمانينيات القرن الماضي من مدينة طيبة الأثرية.
وتنص اتفاقية المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم /اليونسكو/ لعام 1970 لمكافحة الاتجار غير المشروع في الأعمال الفنية، والتي صادقت عليها فرنسا عام 1977، على عدم شمول العمليات السابقة لهذا التاريخ بمفاعيلها.
وتعتزم مصر إعداد قائمة بالقطع الأثرية العائدة لها والمنتشرة في العالم بغية استعادتها. وقد بعث المجلس الأعلى للآثار المصرية برسائل منذ سبع سنوات إلى المتاحف الرئيسية الكبرى في العالم طالبا منها التشاور مع السلطات المصرية قبل شراء أية قطعة أثرية مصرية من بائعين خارجيين. كما وجه رسالة قبل عام إلى متحف اللوفر الذي وعد بإعادة اللوحات الجدارية المسروقة غير أنه لم يفعل ذلك حتى الآن.
وتعمل مصر وفق برنامج تبادل الآثار مع العديد من المتاحف العالمية. ومتحف اللوفر الذي يستقبل أزيد من عشرة ملايين زائر سنويا، ويُعد أهم متحف للتماثيل والتحف الفنية في العالم، هو في مقدمة المتاحف التي يتم التبادل معها ويضم العديد من الآثار المصرية، معظمها مسروق خلال فترة الاحتلالين الفرنسي والبريطاني لمصر.
وتسعى مصر التي سُرقت منها مئات القطع والتحف الفرعونية الثمينة إلى تشكيل جبهة دولية للقضاء على الشبكات الدولية المختصة في تهريب الآثار، والحصول على التزام من الدول المتعاونة معها لاستراد القطع المصرية النادرة المعروضة في بعض المتاحف العالمية وصالات المزادات.
وفي آخر حلقة من سلسلة إعادة هذه الآثار، طلبت مصر مؤخرا من ألمانيا إعادة التمثال النصفي للملكة نفرتيتي المعرض في “المتحف الجديد” في برلين، كما توجه وفد أثري مصري إلى مدينة برشلونة الإسبانية لاستلام قطع أثرية كانت قد سرقت وخرجت من مصر بطرق غير شرعية. وترجع هذه القطع إلى عصر الدولة الحديثة المعروف بعصر “الأمبراطورية المصرية” (1567 ـ 1085) قبل الميلاد. والقطع هي رأس تمثال لأحد العمّال الفراعنة، وتمثال نصفي من الجرانيت لأحد النبلاء، وجزء من نقش مُلون من أحد حوائط مقبرة كن ـ آمون بمدينة الأقصر. ويصور النقش امرأتين تقفان جنبا إلى جنب تمسك إحداهما بكأس والأخرى بزهرة تستنشقها.
وقد استعادت مصر في الآونة الأخيرة بعضا من آثارها التي أعلن عن تهريبها للخارج، حيث استلمت من بريطانيا جمجمتين أثريتين ولوحة جدارية انتزعت مند 40 سنة من مقبرة إحدى كاهنات مصر الفرعونية، كما استردت من هولندا تمثالا يعود إلى نحو 33 قرنا بعد أن سرق من منطقة سقارة الأثرية جنوبي القاهرة. أما في السعودية، فقد استعادت مصر 16 قطعة أثرية بحوزة امرأة سعودية في الرياض كانت قد هُرّبت بطرق غير شرعية. ومن بين القطع ثمانية تماثيل جنائزية كانت السيدة السعودية قد اشترتها من بعض المصريين المقيمين في السعودية.
ويملك المتحف الوطني السويسري ست قطع أثرية مسروقة، وهي عبارة عن أواني مختلفة قال المجلس المصري للآثار إن إجراءات قانونية تتخذ حاليا لاستردادها عبر القنوات الدبلوماسية. ويستعد المجلس استلام 80 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية بعد سرقتها عام 2002 من قبل أحد الضباط الأمريكيين.
وحتى اليوم، تمكن المجلس المصري للآثار من استعادة 5200 قطعة أثرية خرجت من البلاد بطرق غير مشروعة من خلال عمليات التهريب على مدار العقود الماضية بالتعاون مع وزارة الخارجية وشرطة الأنتربول الدولية.