سياسة

وهبي: القرار النهائي لمحكمة العدل الأوربية قد يدمر 40 سنة من علاقات التعاون والشراكة المغربية الأوربية (حوار)

الخط :
إستمع للمقال

في متابعته لتطورات قضية الوحدة الترابية، يقوم موقع برلمان.كوم، بإستطلاع آراء مجموعة من الباحثين والمتتبعين لشؤون الأقاليم الجنوبية، وعلاقات الشراكة التي تربط المغرب بالإتحاد الأوربي، وذلك بهدف إطلاع زوارنا على آخر مستجدات القضية الوطنية.

ومتابعة منا لذات الملف، حاور الموقع رضا وهبي باحث في العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وإليكم نص الحوار.

كيف تقرؤون قرار محكمة العدل الاوربية بإلغاء الاتفاق الفلاحي مع المغرب؟

قرار محكمة العدل الاوروبية الصادر بتاريخ 10 دجنبر 2015 يطرح العديد من التساؤلات بشأن مستقبل ما يزيد عن 40 سنة من علاقات التعاون والشراكة آخرها اتفاق الشراكة 1996 والذي توج بمنح المغرب الوضع المتقدم يوم 13 أكتوبر 2008، حيث جاء هذا القرار ضد مجرى تيار العلاقات، مما أصبح يشكل خطرا على نموذج الشراكة بين المغرب والاتحاد الاوروبي، حيث سيطرح مستقبلا الريبة والشك في سياسة حسن الجوار الاوروبية وهذا ما سينعكس سلبا على السياسة الخارجية للاتحاد مع كل شركائه.

reda foto
رضا وهبي

إن المملكة لم تعد في وضع يسمح بالتعاطي مع قضيتها الوطنية بازدواجية في مواقف الاتحاد الأوربي، سيما أن هذا الأخير له تعهدات سياسية وقانونية وتجارية واقتصادية في إطار الوضع المتقدم تضبط إجراءات الشراكة مع المغرب وطبيعة سيرورة العلاقات بين الجانبين القائمة على أساس احترام السيادة الترابية للدولة الشريكة.

هل تعتبر أن القرار القضائي للمحكمة الأوربية قرار سياسي؟

أود أن أشير، في هذا السياق، إلى أن إصدار قرارات سياسية تحت غطاء قضائي أمر لا يستوعب محورية شراكة الوضع المتقدم مع المغرب، بل وتسيء إلى مصداقية القرارات التي أسس عليها الاتحاد الأوربي شراكاته التاريخية القائمة على احترام أسس قانونية وحقوقية.

وأعتبر القرار الذي أصدرته محكمة العدل الأوربية باعتبارها إحدى مؤسسات الاتحاد الأوربي، سيفقد شراكات والتزامات هذا الأخير ومصداقيتها القانونية حيال الأطراف التي يتعاقد معها.

وهذا ما جعل الدبلوماسية الأوروبية في شخص فريديريكا موغريني، تؤكد على أن الاتحاد الأوروبي يعتبر أن الاتفاقيات الثنائية مع المغرب لا تقبل التشكيك لضمان مصداقية اتفاقات الاتحاد.

إن المغرب لن يقبل باستثناء أقاليمه الجنوبية في تعاملاته الدولية سواء الاقتصادية والتنموية أو السياسية، وبالتالي فقرار الاستئناف الذي تقدم به مجلس الاتحاد الاوروبي هو قرار صائب، خصوصا في المرحلة الراهنة التي يعتبر فيها المغرب لاعبا اقليميا في مواجهته للإرهاب الدولي ومكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية. لأن المغرب لن يناقش الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الاوروبي بمعزل عن سياقه العام وهو اتفاق الشراكة وبالتالي فنتائج قرار محكمة العدل الاوروبية تحدد بشكل مصيري علاقات الطرفين فيما بينهما.

هل قرار محكمة العدل الأوربية يتوافق مع الشرعية الدولية؟

من هذه الناحية فإن الاتحاد الاوروبي يؤكد في سياساته الخارجية على ضرورة تسوية النزاعات الدولية عبر آلية منظمة الأمم المتحدة، وبما أن محكمة العدل الأوروبية، تعتبر احدى مؤسسات النظام القضائي الاوروبي فهي لم تراع توجه السياسة الخارجية للاتحاد، بل نصبت نفسها موجها للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي، حيث ذهبت أبعد من الدول الأعضاء ال 28 في الاتحاد الأوروبي، ومن منظمة الأمم المتحدة اللذين لا يعترفان بـ”البوليساريو” كممثل وحيد للساكنة الصحراوية.

حيث يعد هذا الموقف تدخلا في المسلسل السياسي الأممي لتسوية هذا النزاع. وأمام فشل خصوم المملكة فيما يتعلق بمراقبة حقوق الإنسان، سيتم توظيف القرار الابتدائي لمحكمة العدل الاوروبية حاليا بشكل واسع من طرف خصوم وحدتنا الترابية.

والمثير للاستغراب كون قرار محكمة الاتحاد الاوروبي لا يحيل سوى على قرارات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قبل سنة 1988.

هل كانت محكمة الاتحاد الأوروبي على صواب بقبولها دعوى كيان لا يتوفر على مقومات الدولة؟

إن قرار محكمة الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الأوروبي يحمل خلفيات سياسية ويتنصل من مبادئ القانون الدولي. حيث ينطوي على قدر كبير من الانحراف لأن كيان “البوليساريو” لا يتوفر على مقومات الدولة بما يؤهله لرفع مثل هذه الدعاوى أمام المحكمة الأوربية والتي ارتكبت خطأ بقبول البت في هذا الطلب أصلا.
ويمكن اعتبار أن القرار يشكل تشويشا على جهود الأمم المتحدة باعتبارها المسؤولة الرئيسية عن ملف الصحراء لإيجاد تسوية سياسية متفاوض بشأنها.

هل تقف وراء القرار جهات معادية للصحراء المغربية؟

ليس هناك أي شك فالجزائر والجبهة يحاولان العودة بالزمن إلى الخلف وإعاقة تطور المغرب فيما يتعلق باندماجه في المحيط الإقليمي والدولي، خصوصا وأن العزلة بدأت تظهر جليا بالنسبة للجارة الشرقية للمملكة، فهذه الأخيرة تعيش بعد أحداث الربيع العربي محاصرة بثورة ليبيا وتونس بالإضافة إلى عدم الاستقرار بمنطقة الساحل والغرب الافريقي، عكس المغرب الذي يحظى بوضع متقدم مع الاتحاد الأوروبي يسمح له بالمزيد من الاندماج في الوكالات والبرامج الأوروبية.

هذا، بالإضافة إلى توقيع المغرب اتفاقيات دولية للتبادل الحر سواء مع الولايات المتحدة الامريكية أو اتفاق أكادير مع مصر والأردن وتونس، بالإضافة إلى تركيا.

كل هذا يمنح المغرب أسبقية في استقبال الاستثمارات الأجنبية المباشرة والتي بدورها يكون لها الأثر في خلق فرص العمل وقوة جبائية إضافية وميزان تجاري لصالح المغرب مع شركائه، وبالتالي تحقيق التنمية الاجتماعية والاستقرار والسلم.

هذا دون أن ننسى الحراك الاجتماعي الذي مس جل دول منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط، والذي استطاع المغرب بفضل الإصلاحات الدستورية تجاوزه متمما مرحلة الانتقال الديموقراطي والتي ميزت هذه الحقبة بالمصالحة الوطنية.

ما هو مستقبل الاتفاق الفلاحي مع الاتحاد الاوربي؟

مستقبل الاتفاق الفلاحي بين المغرب والاتحاد الاوروبي رهين بما سيصدر عن محكمة العدل الأوروبية، فاذا تم استصدار قرار يؤكد القرار الابتدائي والذي يلغي الاقاليم الجنوبية للمملكة من مضامين الاتفاق الفلاحي، فنحن هنا نتحدث ليس فقط عن مستقبل الاتفاق الفلاحي بل عن مستقبل الشراكة المغربية الأوروبية برمتها.

وفي هذه الحالة المغرب والاتحاد الاوروبي هما الخاسران معا فكلاهما يحتاج للآخر وغير مستعد للتخلي عنه، لهذا فالمغرب متأكد أن الاتحاد الاوروبي سيدافع عن مصالحه ومصالح المملكة خصوصا في الظرفية الصعبة التي تمر بها المنطقة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا، والتي يلعب المغرب دورا كبيرا على كل الاصعدة خاصة فيما يتعلق بالجانب الامني ومحاربة الارهاب الدولي، وكذا مكافحة الهجرة غير الشرعية.

ما أود أن اشير إليه، هو أن المغرب يجب أن تكون لديه رؤية استباقية بشأن الاتفاقيات الدولية المصادق عليها أو التي ينوي المصادقة عليها، وهذا يحيلنا إلى نقاشين.

الأول يتعلق بالكفاءات المتخصصة في القانون الدولي بالإدارة المغربية والتي يمكن القول أنها قليلة أو منعدمة، وأحيانا تجدها لا تعمل في إطار تخصصها. والثاني يتعلق بضعف التنسيق بين السلطة الحكومية المكلفة بالسياسة الخارجية ونظيرتها القطاعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى