لم يعرف التنافس بين الجزائر والمغرب على جذب الاستثمارات الصينية وخاصة مشروع “خط الحرير الضخم”، الذي تصل قيمته إلى أكثر من 900 مليار دولار، السكون، إذ أن هذا التنافس لازالت حدته ترتفع بسرعة.
فمنذ سنوات كانت الصين تميل لفترة طويلة للاستثمار في الجزائر، بسبب مخزونها من النفط وأيضا لارتفاع رقم معاملاتها مع هذا البلد، لكن هذه القاعدة تغيرت، وفق ما عبر عنه عبد الفتاح الفاتحي المختص في العلاقات الدولية، مشيرا إلى أن المغرب يتيح للصين الإطار القانوني والمقاولاتي والموقع الاستراتيجي.
الفاتحي أوضح في تحليل لـ”برلمان.كوم“، أن الرؤية الاستراتيجية للمغرب متميزة، قائلا: “إذ كانت العلاقات الصينية الجزائرية تتسم برقم معاملات أكبر بكثير من رقم معاملات المغرب، فالمغرب يتوفر على بنية تحتية للنقل تفوق الجزائر، وخاصة على مستوى الموانئ.
وما يساعد المغرب على احتلال مكانة متقدمة لدى الصينيين، يقول الفاتحي، عمله على تأهيل العديد من النقط في المملكة لأن تكون جسرا لنقل البضائع إلى إفريقيا انطلاقا من الميناء الكبير للداخلة، مشيرا إلى أن العلاقات الصينية المغربية ستجد طريقها في المستقبل على المستوى الاستراتيجي.
وأضاف المتحدث أن الصين ليس غرضها هو تنمية العلاقات الثنائية وخاصة مع الجزائر، قائلا، “فعلا الجزائر لها نفوذ داخل إفريقيا لكن هذا النفوذ لا يشمل المجال الاقتصادي واللوجستيكي الذي يتوفر عليه المغرب سيما أن علاقته أصبحت متميزة مع غالبية الدول الإفريقية ويتضح هذا من خلال توقيع أزيد من 1000 اتفاقية.
وهذا يعني وفق المتحدث، تواجد الإطار القانوني لعلاقة المغرب بإفريقيا، وهناك كذلك بعض المؤسسات والمقاولات التي جعلت من المناطق الإفريقية ملاذا مستقرا لاستثماراتها.
وتابع الفاتحي في ذات السياق: “المغرب يعلم اليوم جيدا أن العلاقات التاريخية بين الصين والجزائر، كانت رافدا أساسيا لكي يكون رقم المعاملات أكبر بكثير من رقم المعاملات مع المغرب، لكن المغرب يملك في المستقبل أوراقا تفاوضية مع الصين، وهذا ما بينه الاستقبال الذي خص به رئيس الجمهورية الصينية لرئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني عقب المنتدى الإفريقي الصيني”.
وهذا اللقاء يعكس الاهتمام الكبير للصين بالمغرب، خاصة مع تزامنه بقمة حضرتها أغلبية دول إفريقيا، ويبرز هذا رغبة الصين في أن تجعل من المغرب آلية استراتيجية من أجل تحقيق مزيد من الانفتاح ومزيد من تسويق منتوجاتها داخل إفريقيا. وفق تعبير المتحدث.
والمغرب يمتلك من المؤهلات ما يمكنه من تحقيق استراتيجيته، يقول الفاتحي الذي أشار إلى أن العلاقات الثنائية الصينية تتطور بالتدرج، وتتطور بالتوازن معها العلاقات الطبيعية مع شركائه التقليديين، كالاتحاد الأوروبي.