اعتبر الخبير الاقتصادي نور الدين العوفي أن القراءة الممكنة فيما يطلق عليه “الحراك الشعبي” في الريف وجرادة وفي أماكن أخرى من المغرب، ستخلص إلى أن من الأسباب العميقة لقيام ذلك، هو قصور الدولة عن قضاء ما عليها من دين أصلي اتجاه المجتمع، والذي يتجلى في الأساس في الضروريات أو الحاجات الأصلية التي ما تزال بعد مرور أكثر من نصف قرن على الاستقلال، تتصدر قائمة المطالب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وتساءل العوفي خلال حضوره الندوة التي نظمتها مساء الخميس بالرباط، “جمعية المشروع الجديد” تحت عنوان “الاقتصاد المغربي إلى أين؟” عن مكمن فشل النموذج التنموي المغربي، وكيف أجمع الكل “على فشل هذا النموذج وبالتالي عجز السياسات المسماة الصديقة للفقراء في الحد من الفقر، ما جعل الفئات الضعيفة لم تستفد من البرامج الهيكلية، ما ادى لتفاقم الفوارق الاجتماعية.
وتابع العوفي أن “اعتماد فرضية اقتصاد الحرمان تفرض من جديد الحديث عن التنمية، التي هي سيرورة شاملة تمشي على وتيرتين في نفس الآن، وتيرة طويلة الأمد ووتيرة فورية لا تنتظر، على حد قول نفس المتحدث، الذي أرجع سبب ذلك إلى عجز الدولة عن المزواجة بين الاسثتمار، في البنيات التحية والبرامج الرئيسية والأوراش الكبرى، والصناعية” والتي تعتبر قادرة أكثر من غيرها على توزيع التنمية وفي نفس الآن الاسثتمار في الخدمات الاجتماعية وفي التمكين في القدرات.
وأضاف العوفي، أستاذ الاقتصاد السياسي بجامعة محمد الخامس أكدال، أن إطلاعه بشكل ثنائي على برنامج الحسيمة منارة المتوسط، كمخطط التنمية في الحسمية، يقوم على خمس محاور تصب كلها في البنيات التحتية والنهوض الترابي، والاجتماعي، ما مكنه من تصنيف البرنامج على أنه تهئية للتراب وتوضيب لمناخ الأعمال بطريقة غير مباشرة، ما يجعل البرنامج كاملا كمشروع كبير « لبناء الأرضية للاسثتمار دون رؤية للانتاج » على حد قول نفس المتحدث، الذي شدد على أن هذا المشروع لم يوجد للنهوض بواقع المنطقة للحد من اقتصاد « الحرمان الضار ».
واعتبر الخبير الاقتصادي في عرضه الذي ألقاه في المكتبة الوطنية أن مشروع « الحسيمة، منارة المتوسط » تمثل مقاربة من الأعلى، فيما كانت مطالب « حراك الريف » مقاربة من الاسفل، ما يعني حسبه أن « منارة المتوسط » كانت مقاربة تكنوقراطية، ومطالب المحتجين كانت مقاربة مواطنة، مضيفا أنهما لاتتعارضان، و كان ينبغي التوليف والتركيب بينهما.