يبدو أن إلياس العماري الأمين العام “المستقيل” من قيادة حزب الأصالة والمعاصرة، بات محاصرا من كل الجبهات بعد توجه قيادات الحزب في معضمها إلى اعتماد الخلاص من إرث إلياس وتفعيله بشكل عملي من خلال قطع كل خيوطه المتحكمة في هياكل الحزب.
فمع اقتراب ساعة الحسم في استقالة إلياس العماري التي كان يريدها -ساعة تقديمها- مزايدة داخل الحزب وخارجه لأجل تقوية صفه، قبل أن تنقلب عكس ذلك، مع حصر رئيسة المجلس الوطني للحزب فاطمة الزهراء المنصوري موضوع الاستقالة ضمن أشغال دورة المجلس المقرر الأحد المقبل 22 أكتوبر، في عملية “إخبار” فقط، اختار الرجل أن يلجأ للفيسبوك لممارسة ضغوط افتراضية ودعوة “المبايعين له” من قيادات الحزب في العمل بجد لأجل إنقاذه من التصفية داخل الحزب.
وكتب إلياس حوالي أسبوع تدوينة على شكل مقولة قديمة لابن المقفع لمح فيها لأتباعه بضرورة تذكر الجميل وعدم نسيانه جاء فيها “إذا أنت أسديت جميلا الى إنسان فحذار أن تذكره، وإن أسدى إنسان إليك جميلا فحذار أن تنساه”، قبل ان يعود أمس فقط بتدوينة أخرى فصل فيها -على ما يبدو- كيف على هؤلاء تذكر جميله عليهم من خلال مسارات صناعة الثروات التي كان سببا لهم في مراكمتها، للوقوف بجانبه في لحظة “ترحيله” من قيادة الحزب.
وقال إلياس في تدوينته الجديدة “على بعد يومين من انعقاد الدورة العادية للمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، وبعد صومي عن الكلام مع الخاصة والعامة حول موضوع استقالتي من الأمانة العامة.. وقد احتفظت بأسباب ومبررات أخرى، لأن مجال عرضها هو الفضاءات التنظيمية للحزب وليس مساحات الإعلام وشبكات التواصل الإجتماعي”، في إشارة لحسرته على عدم السماح له بمناقشة استقالته جلال اشغال برلمان الحزب.
وعاد العماري ليلقن أتباعه ضرورة الوقوف بجانبه بتشديده على أنه يتمنى “أن يكون أعضاء المجلس الوطني في مستوى دقة اللحظة الحزبية والتاريخية، وأن نستحضر جميعا بأن الانتساب إلى الحزب كان وما يزال انتسابا لمشروعه المجتمعي، ولم يكن ولن يكون يوما انتسابا إلى الأشخاص مهما كان وزنهم وتاريخهم، ومهما كانت مكانتهم ومساهمتهم في بناء وبلورة المشروع”.
وتابع العماري بخطاب جماعي “نريد لدورة المجلس الوطني أن تكون لحظة جماعية نعبر فيها عن تماسكنا ووحدتنا، رغم اختلافاتنا وتقديراتنا المتباينة.. نريدها لحظة.. تستحق، طبعا، الوضوح في المواقف، والمكاشفة والصراحة في العتاب، لإعادة ترتيب مواقف الحزب.. لحظة نقف فيها عند الأخطاء لتصحيحها وتجاوزها، حتى نبقى رقما يصعب تجاوزه أو تجاهله، في رهانات المساهمة”.
وأضاف في تلميح واضح للعمل بكل ما لهم من قوة لإلغاء استقالته الشكلية ضدا في معارضيه بالقول “نعم، نحن بشر ككل الناس، لا ندعي الطهارة المطلقة، ولا ندعي، مثل البعض، أننا ملائكة. قد نخطئ في حق بعضنا البعض، وحتى في حق أنفسنا. لكن لدينا أيضا القدرة الهائلة على ممارسة النقد الذاتي، وتصحيح أخطائنا وترميم جراحنا”.
فهل تقوم تدوينة إلياس مقامها من خلال ايقاظ همم المنتفعين من أساليب العماري الموغلة في التحكم الذي طالما عيّر به أطيافا أخرى، قبل أن يكتشف بأن البساط بات يسحب من تحت أرجله.