رسم تقرير المجلس الاجتماعي والاقتصادي، الصادر نهاية الأسبوع الجاري، صورة سوداء عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي بالمملكة، كاشفا بذلك محدودية نماذج التنمية القائمة، وقصوره في خلق فرص الشغل.
لكن التحدي المطروح حاليا، خصوصا بعد اتخاذ الحكومة للعديد من الإصلاحات والإجراءات التي يمكن أن تخفف من وطأة هذا التوتر، يحوم حول نجاعة هذه الإجراءت في التصدي لهذا التوتر الاجتماعي، والقضاء على الأسباب التي تؤجج الاحتجاجات.
عبد الرحيم العلام، أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاضي عياض بمراكش، تنبأ باستمرار توتر المناخ الاجتماعي والاحتجاجات التي عرفتها سنوات 2016 و2017، وعزى ذلك لعدة أسباب، على رأسها، استمرار مظاهر أزمة لمست العديد من المستويات ورصدتها العديد من التقارير الدولية والوطنية.
ومن ضمن الأسباب التي حركت الاحتجاجات يقول العلام في تصريح لـ”برلمان.كوم“، هناك الوضع الصعب، “فقد سبق لتقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط أن كشف أن ما يقارب مليونا و700 ألف شاب مغربي ما بين 19 و24 سنة هم بدون تكوين ولا عمل ولا دراسة، ما يجعلهم عرضة للضياع”.
بالإضافة إلى هذا، رصد التقرير التزايد المضطرد لعدد الخريجين العاطلين عن العمل، علاوة على تراجع نسبة النمو، وارتفاع ظاهرة الانتحار، والجريمة المنظمة، والتزايد الكبير في عدد الساكنة السجنية، إذ أن المغرب يعد الأول عالميا قياسا إلى عدد سكانه، وفق ما أفاد به أحد التقارير الدولية.
كل هذه المعطيات، وفق العلام، تقودنا إلى الإقرار بتواجد مظاهر أزمة. ومن ضمن مظاهر هذه الأزمة يضيف العلام، هناك الهجرة السرية “التي أصبحت منتشرة بشكل كبير؛ إذ أن الكثير من الشباب المغربي يحدثون أنفسهم عن الهجرة”.
والغريب هنا، وفق العلام، أن الهجرة لا تشمل فقط المواطنين الذين يعانون من وضع اقتصادي صعب، بل أيضا هجرة الأطر ورجال الأعمال، وهذه المسألة لديها خلفية سياسية تتجلى في ضبابية الأفق، والخوف على مصير وحرية الجيل القادم.