يبدو أن مشاورات تشكيل الحكومة خرجت من نفق مظلم لتدخل إلى النفق المسدود، بعد أن أوقف رئيس الحكومة المكلف، عبد الاله ابن كيران المفاوضات مما يعمق الأزمة السياسية ويخلط أوراق ميلاد الحكومة في أقرب وقت، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس.
وفي هذا الصدد، طرح أمين السعيد، باحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، أربعة اختيارات دستورية للخروج من مأزق تعثر مشاورات تشكيل الحكومة، يتجلى الأول في “تقديم رئيس الحكومة المكلف لاستقالته والعودة إلى صناديق الاقتراع من خلال انتخابات مُبكرة (استنادا للفصول 51و96و97و98 من دستور 2011)”، معتبرا هذا الخيار “المسلك الدستوري المحترم لإرادة المُشرع الدستوري”.
واستبعد السعيد في تصريح لموقع “برلمان.كوم” اللجوء إلى خيار إجراء انتخابات سابقة لآوانها، لكون إجراءات حل مجلس النواب تفرض من الناحية الشكلية إخبار الملك لرئيس مجلس النواب، والحال أن مجلس النواب المنبثق عن اقتراع 7 أكتوبر 2016 لم يباشر إجراءات انتخاب رئيس مجلس النواب. ومن الناحية المادية فإن حل اللجوء إلى إعادة الانتخابات مكلف من الناحية المالية لميزانية الدولة، أما من الزاوية السياسية، فإنه ليس من صالح النظام السياسي ترجيح قرار إعادة الانتخابات لكونه مسيئا لصورة المغرب، وسيظهر أن المغرب دخل لمرحلة الأزمة السياسية.
أما بالنسبة للخيار الثاني حسب السعيد، فإنه يتمثل في، تقديم رئيس الحكومة المكلف لاستقالته وتعيين الملك لشخصية أخرى من داخل حزب العدالة والتنمية ولئن كان هذا التوجه لا يتعارض مع فلسفة الدستور، فإنه من الناحية التنظيمية يبقى خيارا معلقا على قبول الأجهزة التقريرية لحزب “المصباح”، مشيرا إلى أن المؤشرات الحالية توحي بعدم الرهان على هذا الخيار لكون جزء كبير من أعضاء المجلس الوطني للحزب لا يتفقون مه هذا التوجه.
أما الخيار الثالث المطروح أمام ابن كيران، فهو استمرار المفاوضات واستنجاده بحزب الأصالة والمعاصرة، حيث يبدو خيارا مُغريا من الناحية العددية 239 (الأصالة والمعاصرة 102 مقعدا بالإضافة إلى 137 مقعدا لحزبي العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية)، وما يعزز هذا الطرح، التصريحات الأخيرة لبعض قيادات شبيبة العدالة والتنمية المطالبة بطرق باب حزب “الجرار” عوض الرهان على مجموعة الأربعة.
واعتبر السعيد أن بلاغ حزب “الجرار” المؤرخ في 7 يناير 2017 الذي جدد موقفه المبدئي بكونه غير معني بالمشاورات الجارية لتشكيل الحكومة وأنه لن يكون بديلا. مع تأكيده حرص الحزب الشديد على حسن سير المؤسسات السياسية والدستورية للبلاد، هي إشارة إلى أن له موقفا مبدئيا وليس نهائيا من مسار المفاوضات الحزبية.
ويبقى هذا “الخيار ضعيف من الناحية الواقعية، لكون جزء غير قليل من صقور حزب العدالة والتنمية وخاصة أعضاء الأمانة العامة يرفضون فكرة التحالف مع الأصالة والمعاصرة، بالإضافة إلى أن قيادة الحزب تعي بأن التحالف مع الأصالة والمعاصرة سيضعف من شعبية حزب العدالة والتنمية وسيكون بمثابة بداية العد التنازلي، وخاصة وأن هذا الأخير ظل يتغذى من خطاب الضحية والتحكم والمظلومية، وسيصعب على ابن كيران خلق عدو جديد لتجييش المتعاطفين و الرأي العام” حسب تعبير السعيد.
وأخيرا، وهو الخيار الذي قد يلجأ إليه ابن كيران هو طلب تدخل ملكي عبر مستشاريه بأن تمدد المشاورات الحكومية، وذلك من خلال حصر المشاورات في الأغلبية السابقة (العدالة والتنمية 125 مقعدا /التجمع الوطني للأحرار 37 مقعدا /الحركة الشعبية 27 مقعدا /التقدم والاشتراكية 12 مقعدا) أو من خلال إقناع رئيس الحكومة بإضافة حزب الاتحاد الدستوري بحجة أن هذا الأخير سيندمج مع حزب التجمع الوطني للأحرار وهذا حل يبدو مرضيا ومنصفا للطرفين، غير أن هذا الخيار يعتبر حلا سياسيا لكنه غير دستوري”.