تشهد صناعة التكنولوجيا اهتماما متزايدا بتطوير نماذج الذكاء الاصطناعي السيادي، وهو مفهوم يهدف إلى تحقيق استقلالية تقنية تعتمد على تخزين البيانات وإدارتها داخل الحدود الوطنية أو الإقليمية، حيث يأتي هذا التوجّه استجابة لتحديات متعلقة بالسيادة الرقمية وأمن البيانات، حيث تسعى الحكومات والشركات إلى تقليل الاعتماد على التقنيات المستوردة وضمان الامتثال للقوانين المحلية.
إذ في الوقت الحالي، تستخدم الشركات المطوّرة لبرامج الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI وAnthropic وميتا مراكز بيانات مقرها الولايات المتحدة لتخزين البيانات ومعالجتها، مما يثير قلق الجهات التنظيمية، لا سيما في أوروبا، حيث ترى هذه الأخيرة أن الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية يهدد قدرتها على تحقيق صمود تكنولوجي مستقل، وهو ما دفعها لتعزيز بنيتها التحتية السحابية محليا استجابة للوائح حماية البيانات، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات.
وبحسب كريس جو، كبير مسؤولي السياسات العامة للاتحاد الأوروبي في شركة سيسكو، فإن مفهوم “الذكاء الاصطناعي السيادي” يعتمد على فكرة تحقيق السيادة الرقمية من خلال تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي محلية تُدار ضمن الحدود الوطنية، وتخزين بيانات المستخدمين على بنية تحتية محلية. إذ يتيح هذا النهج للحكومات السيطرة على البيانات وضمان الامتثال للقوانين الوطنية، مما يقلل من الاعتماد على التقنيات المستوردة ويعزز الأمن القومي.
وظهر هذا المفهوم بشكل أوضح بعد إلغاء محكمة العدل الأوروبية عام 2020 إطار تبادل البيانات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بحجة عدم توفيره حماية كافية للبيانات داخل أوروبا. ونتيجة لذلك، دفع هذا التطور الشركات العالمية إلى توطين بنيتها التحتية السحابية في القارة الأوروبية، لضمان الامتثال للمعايير المحلية.
ووفقاً لفيليبو سانيسي من شركة OVHCloud الفرنسية، فإن هذه السياسات دفعت الشركات الأوروبية إلى توكيل جهات محلية بمعالجة البيانات، ما يُمكّن من استخدامها في تطوير منتجات وخدمات تعتمد على الذكاء الاصطناعي.