الدفاع والصحراء والتبادل التجاري: البرازيل في استراتيجية المغرب الدولية… والعكس!
===
عرف الأسبوع الذي نودعه ثلاث محطات برازيلية مغربية، لا يمكن أن يغفلها المتتبع للعلاقات والرهانات المشتركة بين البلدين. الأولى تتعلق بنقطة في جدول الأعمال الذي ترأسه ملك البلاد وتهم إحداث منصب ملحق عسكري بسفارة المغرب بالبرازيل والثانية ذات صلة بالموقف البرازيلي من قضية الصحراء والثالثه تهم استئناف الرحلات الجوية بين ساوبولو والدار البيضاء.
===
مرت 20 سنة على الزيارة الملكية التاريخية إلى البرازيل في نونبر2004 ، عرفت فيها العلاقة بين البلدين تطورا لافتا، واستشراف آفاق غير مسبوقة في التعاون بين البلدين. ولعل آخر الحلقات تهم مجال الدفاع.
وقد امتاز المجلس الوزاري، المنعقد في فاتح يونيو الجاري، بعدد من مشاريع المراسيم التي تهم المجال العسكري، وكان واسطة العقد، فيه تتميم مرسوم خاص بالملحقين العسكريين والمعينين لديهم، وذلك من أجل فسح الطريق القانوني «لإحداث منصب ملحق عسكري لدى سفارة المملكة ببرازيليا».
وحسب ما ورد في بلاغ الديوان الملكي فإن الخطوة المغربية، التي تمت تحت رئاسة جلالة الملك تأتي «تجسيدا للروابط المتينة التي تجمع المملكة المغربية ودولة البرازيل».
والخطوة الجديدة تأتي بعد قرابة سنة، على مصادقة البرلمان البرازيلي على الشراكة الإستراتيجية في مجال التعاون المغربي البرازيلي في مجال الدفاع لاستكمال الطريق نحو العمل الميداني.
وتشمل الشراكة الثنائية مجالات دفاعية متنوعة، منها التداريب المشتركة، والتنسيق في استعمال الأجهزة والتجهيزات الدفاعية، والخدمات وتبادل المعلومات والخبرات بين جيشي البلدين، علاوة على تطوير الاستفادة من أنظمة الدفاع…
وإذا كان المغرب قد غير أو بالتحديد قد أغنى مرسوما موجودا لأجل وظيفة عسكرية في السفارة، فلأن العلاقة ولا شك تستحق ذلك، تماما كما تنم عن كونها قد بلغت درجة متقدمة…
والبرازيل دولة صاعدة تشكل في المجال العسكري القوة اللاتينوـ أمريكية الأولى في قارتها، ولعلها حققت ريادة غير مسبوقة في سوق الأسلحة والدفاع في المنطقة التي تنتمي إليها، بما يمثل 40 ٪ من مجموع الاستثمارات التي تحققت في المنطقة، إضافة إلى وجود قرابة 500 مقاولة ومؤسسة صناعية عاملة في مجال الدفاع واقتصاد التصنيع العسكري.
إلى ذلك، تعد البرازيل القوة الأولى في أمريكا اللاتينية المرتبة ضمن الاقتصاديات العشر الأولى في العالم، كما أنها من ضمن الشركاء العشر الأوائل للمغرب، تجاريا. وهي أول زبون للمغرب دوليا في مجال تصنيع الفوسفاط كما يوجد معمل للمكتب الشريف للفوسفاط في البرازيل، إضافة إلى حصوله على 201٪ من أسهم شركة «هرينغرheringer » التي تعتبر أكبر شركة لإنتاج الأسمدة في البرازيل.
وللبدلين تاريخ تجاري في مجال الطاقة الخضراء وفي مجال التبادل التجاري العام الذي بدأ يعط ثماره حسب تصريحات السفير المغربي في برازيليا نبيل الدغوغي، حيث وصل إلى 3 ملايير دولار أمريكي.
ومن جهة أخرى، نجد أن المغرب في نـظر البرازيل أهم منطقة في شمال إفريقيا وعلى ضفة الحوض المتوسط، ولعله بالنسبة لدولة تريد أن تمتد بعيدا نحو الشرق الأوسط وإفريقيا والأسواق الأوروبية شريك أساسي مفضل…
وعلى مستوى القضايا المصيرية جيوسياسيا، نجد أن المغرب يساند البرازيل من أجل موقع دولي متقدم في مجلس الأمن الأممي، عبر العضوية الدائمة، في حين تنأى البرازيل بنفسها عن مساندة الانفصاليين أو الاعتراف بدولتهم الوهمية. وفي هذا السياق تأتي الخطوة الثانية.
فقد أشادت جمهورية البرازيل الاتحادية «بجهود المغرب الجادة وذات المصداقية للمضي قدما نحو تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية، في إطار مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمت بها المملكة المغرب سنة 2007 وتم التعبير عن هذا الموقف في البيان المشترك، الصادر في أعقاب المباحثات التي أجراها بالرباط، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ووزير الشؤون الخارجية البرازيلي، ماورو فييرا، الذي قام بزيارة رسمية للمغرب.
وفي هذا الصدد، جددت البرازيل، التي ترأست مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شهر أكتوبر 2023، خلال تبني القرار رقم 2703، دعمها لجهود الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي ومقبول من لدن الأطراف، طبقا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
-تزامن الاعلان..
وتزامن إعلان موقف البرازيل مع الخطوة الثالثة المتمثلة في إعلان الخطوط الملكية المغربية، عن إعادة تشغيل الخط الجوي المباشر الرابط بين الدار البيضاء وساو باولو، ابتداء من 7 دجنبر 2024، بمعدل ثلاث رحلات في الأسبوع.
وهو أمر يحيلنا على التعاون في مجال صناعات الطيران بين البلدين، من خلال أكبر شركة تصنيع برازيلية، وهي شركة امباير Embraer، سواء عبر دعم المصنع البرازيلي من أجل الاستقرار في المغرب أو من خلال تشجيع الخطوط الملكية على اقتناء المزيد من الطائرات البرازيلية، علما أن الشركة البرازيلية هي ثالث شركة عالميا بعد بوينغ وايرباص الأوروبية.
ولعل كل ما سردناه أعلاه يتم تحت عنوان عريض مفاده التعاون «في طار احترام لسيادة الوطنية لكل بلد»..