اعتبر محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الادماج أن “السجن لم يعد يخيف.. وهذا يفرض علينا اليوم جميعا بذل المزيد من الجهود للتعريف بمفهوم السياسة العقابية ببلادنا وكذا بشرعية الحقوق المكفولة للسجناء بل وضرورة تعزيزها من خلال ورش الإصلاح الشامل للقانون المنظم للسجون الذي أطلقته المندوبية العامة بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان”.
وأبرز التامك خلال كلمة ألقاها اليوم الثلاثاء 31 أكتوبر الجاري بالرباط، عقب لقاء خصص لـ”تقييم حصيلة تنفيذ التوصيات الخاصة بحماية حقوق السجناء والسجينات والمضمنة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الانسان الصادر في دجنبر2012″ والذي حمل عنوان “أزمة السجون، مسؤولية مشتركة”، أن “التوصيات التي احتواها تقرير المجلس شكلت إحدى ركائز المخطط الاستراتيجي للمندوبية العامة.. والمندوبية تؤكد استعدادها الكامل للتفاعل مع جميع المبادرات والتوصيات الرامية الى تكريس البعد الحقوقي في الوسط السجني”.
واوضح التامك أن “المندوبية حرصت على تفعيل التوصيات الموجهة لها وعددها 45 توصية، والمتعلقة أساسا بتحسين ظروف إيواء السجناء واحترام كرامتهم، وكذا التخفيف من ظاهرة الاكتظاظ.. خلال الخمس سنوات الأخيرة قامت بافتتاح 16 مؤسسة سجنية، وبالمقابل تم إغلاق 11 مؤسسة سجنية قديمة ومتهالكة منها المعاقل الإدارية التي تم إناطة تدبيرها للمندوبية العامة في 2011، كسجن بولمهراز بمراكش وسجن انزكان وسجن عين قادوس بفاس والتي أوصى المجلس بإغلاقها”.
وتابع التامك في ذات السياق: “بالرغم من إشكالية الارتفاع المضطرد للساكنة السجنية الذي انتقل من 68000 متم سنة 2012 إلى 82.400 متم شهر شتنبر2017، فقد مكنت هذه المجهودات من الرفع من معدل مساحة الإيواء خلال هذه الفترة من 1.68م مربع الى 1.83م مربع لكل سجين دون إغفال تحسين ظروف الايواء بفضل اعتماد تصاميم هندسية جديدة تراعي الشروط الصحية من تهوية وإنارة وكذا تقليص عدد الاسرة في كل زنزانة إلى 8.. كما من شأن هذه المؤشرات أن تتحسن بعد الانتهاء من أشغال بناء 7 مؤسسات أخرى في طور الإنجاز، 2 منها قبل متم هذه السنة”.
وفي ذات السياق وفي إطار تفعيل توصيات المجلس، أبرز التامك أن “المندوبية فوتت تغذية السجناء بالمؤسسات السجنية للقطاع الخاص ونفدت عدة تدابير مواكبة على مستوى تأهيل المطابخ بالسجون وتجهيزها، الأمر الذي ساعد على الحد من قفف المؤونة التي كانت تثقل كاهل أسر النزلاء.. وأن المندوبية تظل حريصة على توفير كل ما يحتاجه النزلاء من مواد داخل مقتصديات المؤسسة بأثمنة مضبوطة لا تتعدى ثمن السوق”.
وذكر المتحدث أن “المندوبية العامة أولت أهمية خاصة للرعاية الصحية للسجناء من خلال الرفع من عدد الأطر العاملة في هذا المجال بنسبة %74، حيث ارتفعت نسب التأطير الى معدل طبيب لكل 820 سجين وطبيب أسنان لكل 1381 سجين وممرض لكل 162 سجين، كما ارتفع عدد الفحوصات الطبية ووصلت الى معدل 6 فحوصات في السنة لكل سجين”.
وعملت المندوبية العامة على تحسيس السجناء بحقوقهم وواجباتهم داخل السجن، وذلك من خلال اعداد دليل السجين الذي تم العمل على تحيينه وترجمته إلى 5 لغات، وإصداره في صيغة سمعية بصرية لتمكين السجناء الأميين من الاطلاع على فحواه.
واضاف التامك أن المندوبية اتخذت عدة إجراءات لضمان حق السجناء في التشكي والتظلم بإحداث مكتب مركزي لتلقي ومعالجة الشكايات، الواردة من الصناديق المثبة بمختلف مرافق المؤسسة السجنية وإحداث نافذة الشكايات بالبوابة الإلكترونية للمندوبية العامة والانخراط في البوابة الوطنية للشكايات المزمع اعطاء انطلاقتها مطلع 2018.
وفي سياق مغاير أفاد التامك، أن “عدد المستفيدين من التكوين داخل السجن عرف ارتفاعا بنسبة 68% مع افتتاح 9 مراكز بيداغوجية جديدة.. والمندوبية عملت على ابتكار آليات جديدة لتأهيل السجناء لإعادة إدماجهم في المجتمع بعد الإفراج عنهم، بتفعيل جيل جديد من البرامج منها كبرنامج سجون بدون أمية والبرنامج السنوي الخاص بالورشات التأهيلية في المسرح والموسيقى والفن التشكيلي والكتابة والتصوير الفوتوغرافي”.
وفي نفس السياق، وفي إطار تعزيز خطاب التسامح وثقافة نبذ العنف المتطرف بالوسط السجني، قال التامك “المندوبية، شرعت في تفعيل برنامج في مجال محاربة التطرف ونشر مبادئ الإسلام المعتدل بالسجون، حيث تم تنظيم دورات تكوينية في هذا المجال لفائدة 47 موظفا ومرشدا دينيا، عهدت إليهم بعد ذلك مهمة تكوين وتأطير 220 سجينا الذين تم انتقاؤهم وفق معايير تراعي حسن السلوك والانخراط الإيجابي في برامج الإصلاح والتأهيل ليتم تكليفهم لاحقا بتأطير باقي السجناء، حيث سيستفيد 22000 سجين عند متم السنة الجارية من هذا البرنامج وفق منهجية وجدولة زمنية مضبوطة”.