اخبار المغربرأي في قضيةمستجدات

«البوليساريو» تهدد نواكشوط بالحرب: معبر السمارة الذي أجج الغضب وأفاض… اليأس؟

الخط :
إستمع للمقال

==

تهديدات الانفصاليين بالحرب وتلويحات امتداداتهم في الداخل تعبير عن يأس الجنرالات في الجزائر، وعلامة على أن موريتانيا اختارت ربط مصلحتها بمصلحة إفريقيا من خلال المساهمة في أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.

==

لم تتأخر ردود فعل البوليساريو المجنونة ضد موريتانيا، على إثر توقيع اتفاق فتح معبر حدودي بين مدينة السمارة المغربية وبير أم كرين شمال موريتانيا. ووصلت الوقاحة الانفصالية إلى درجة التهديد بشن الحرب على الجارة الجنوبية للمغرب. على لسان المسمى البشير مصطفى السيد الذي كان يتحدث إلى الصحيفة الأسبانية «لاراثون».
ورفع الانفصالي ذاته في الحوار نفسه من درجة التهديد الصريح عندما اعتبر أن تفعيل الاتفاق المذكور أعلاه سيكون بمثابة فتح أبواب النار وقال في هذا الشأن «أبواب النار ستفتح على موريتانيا إن هي وصلت في سياق اتفاقيات التكامل الواسع الذي تعقده حاليا مع المغرب إلى فتح المعبر الحدودي»..

ما من شك أن المسؤول الانفصالي قد أدرك مغزى القرار الموريتاني، فيما يخص المعبر، بين دولتين جارتين، على تماس مباشر بأقاليم المغرب الجنوبية. وأدرك عمقه الذي سيغير من طبيعة التوازنات في المنطقة. لكن من المحقق أن هذا القرار كان النقطة التي أفاضت يأس المليشيات ومن يقف وراءها .. ولعل التهديد هو آخر ورقة تلعبها الجبهة ومن ورائها النظام الجزائري بعد أن تخطت العلاقات بين المغرب وموريتانيا الأفق المعتاد.


ومن المفيد أن نربط الاتفاق الخاص بالمعبر البري الثاني بين البلدين، بعد معبر الكركرات الذي حسم المغرب وضعيته، بسياقه الزمني والسياسي.


ـ العنصر الأول: هو أن اتفاق السمارة أعلن عنه بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الموريتاني إلى المغرب، واستقبال جلالة الملك له في القصر الملكي بالبيضاء وكان موضوع بلاغ صادر عن الديوان الملكي في دجنبر من السنة الماضية. واعتبر البلاغ أنه «خلال هذا اللقاء، ثمن قائدا البلدين التطور الإيجابي الذي تعرفه الشراكة المغربية – الموريتانية في جميع المجالات» بعد أن كانت المليشيات المحسوبة على النظام الجزائري وتوابعه من البوليساريو يروجون أخبارا زائفة عن برودة ديبلوماسية بين البلدين الشقيقين.


ولعل أهم ما أغضب النظام العسكري في الجوار ومليشياته الانفصالية هو كون قائدي البلدين «أكدا حرصهما على تطوير مشاريع استراتيجية للربط بين البلدين الجارين» وعلى وجه الخصوص الإعلان عن «تنسيق مساهمتهما» في إطار المبادرات الملكية بإفريقيا «خاصة أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي».


ـ العنصر الثاني الذي زاد من غضب العسكر في دولة الجوار وتابعتها البوليساريو كان مستوى التعاون العسكري المعلن عنه بمناسبة انعقاد الاجتماع الخامس للجنة العسكرية المختلطة المغربية – الموريتانية يوم 12 نوفمبر 2024 بحضور الفريق المختار بله شعبان، قائد الأركان العامة للجيوش للجمهورية الإسلامية الموريتانية.. وهو اجتماع «شكل فرصة للطرفين لاستعراض حصيلة سنة 2024 وتحديد الأنشطة التي يمكن إدراجها ضمن برنامج التعاون برسم سنة 2025»، ومناسبة في الوقت ذاته للإعلان عن نقط التعاون خلال السنة التي ندشنها بحيث شدد الطرفان على «ضرورة تعزيز التعاون بشكل أكبر بين القوات المسلحة بكلا البلدين في مجال أمن الحدود ومكافحة الهجرة والأعمال غير المشروعة العابرة للحدود، وبالتالي المساهمة في استقرار المنطقة من أجل رفع التحديات المشتركة».

وهو برنامج لن يروق للقوة التي جعلت من زعزعة الاستقرار في دول الجوار هويتها الجيوسياسية والجيو عسكرية!
ولم تكتف الميلشيات المسلحة بالتهديد بل حركت الجزائر وأخواتها الانفصالية الافراد والتنظيمات، على قلَّتها المحسوبين على لوبيات الضغط وتأجيج الصراع، ومنها ما يسمى «حزب اتحاد قوى التقدم «الذي أصدر بيانا يرفض فيه، في سياق مماثل «الاتفاق الموقع بين موريتانيا والمغرب والذي يتضمن الربط الكهربائي بين البلدين!
بل إن الحزب الذي لا يملك أية تمثيلية في المؤسسات الموريتانية «طالب الحكومة الموريتانية بالتراجع عن هذه التفاهمات».

في الواقع تسعى الجزائر إلى فرض الوصاية، (كما فعلت مع تونس) على السياسة الخارجية لموريتانيا. وهي بتهديدات دُمْيتها تعود إلى زمن ولى، عندما كانت تنظم الانقلابات وتعين العسكريين على رأس الدولة كما حدث أيام ولد سيد أحمد الطائع، بما يخدم ترتيباتها وأوهامها بخصوص الأقاليم الجنوبية المغربية، ومن ذلك اعتراف الرئيس المذكور بالجمهورية الوهمية!

ولكن الجانب الآخر الذي يريد «مصطفى السيد» التستر عليه في علاقة الانفصاليين برعايتهم وموريتانيا هو النهاية المأساوية التي دبرت لمصطفي السيد .. الآخر والمؤسس للجبهة نفسها والذي كان وراء الميكروفون يوم 27 فبراير 1975 عند الإعلان عن قيام الجمهورية الوهمية بدعم من الجزائر.


واليوم أصبح معروفا أن وفاته في العملية العسكرية شمال موريتانيا أثناء الهجوم على البلاد كانت بتدبير من الجزائر نفسها، لأنه فكر (فقط فكر!) في التراجع عن المؤامرة الانفصالية.. بعد أن اتضحت له أبعادها وحتمية انتصار المغرب في معركة وحدته!

من المنتظر أن هاته التهديدات لن تجد لها صدى في الحقل السياسي الموريتاني أو لدى الدولة الموريتانية، والتي أصبحت لها استراتيجية مستقلة في تدبير موقعها في منطقة الساحل التي تعيش نزاعا مفتوحا مع الجزائر وفي العلاقة مع القوى ذات التأثير في المنطقة، ومنها القوى الأوروبية التي تعيش توترات مفتوحة مع دولة الجزائر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى