قدمت دراسة لحزب الأصالة والمعاصرة قراءة نقدية لحصيلة الحكومة المنتهية ولايتها في عدد من القطاعات الرئيسة خاصة منها المرتبطة بتدبير الشأن العام والمجال الاقتصادي والاجتماعي.
وفي تشخيصها لهذه الحصيلة خلصت الدراسة النقدية إلى عجز الحكومة وفشها الواضح في تحقيق تعهداتها أمام الرأي العام.
وعززت الوثيقة تحليلها بجملة من الأرقام والحقائق للتدليل على ما وصفته بـ”حقيقة الوعود الكاذبة و الشعارات الرنانة والجوفاء التي سوقتها الحكومة في برنامجها، ومسافة الفرق بينها وبين الواقع العنيد، مما يؤكد طابع التخبط والارتجال الذي ميز تدبير هذه الحكومة للسياسات العمومية، على امتداد سنوات ولايتها، بتكلفتها الباهضة على نمو الاقتصاد وتوازنات المجتمع وصيانة مكانة المغرب وإشعاعه على المستوى الدولي”.
وتحدثت الدراسة أيضا عما اعتبرته “فضائح غير مسبوقة” في تدبير الشأن العام في عهد الحكومة المنتهية ولايتها وما قامت به من “حملات التضليل وتزييف الحقائق واختلاق المبررات والأعذار التي تنهجها للتمويه عن الاختلالات الفادحة في التدبير، وإصرارها على تغليط واستبلاد الرأي العام”.
وفي هذا الصدد سجلت الدراسة عدم استجابة البرنامج الحكومي منهجيا للمعايير الدولية المتعارف عليها والتي تنبني على استراتيجية حكومية مندمجة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
وأشارت إلى أن التوقعات المرتبطة بالالتزامات المرقمة لم تتحقق، بفارق كبير بين ما التزمت به الحكومة وما أنجز، بما في ذلك التوازنات الماكرو-اقتصادية، التي بالرغم من تحسنها الطفيف، لا زالت تبعث على القلق والحيطة، بدليل فتح الحكومة ومحافظتها على خط ائتمان صندوق النقد الدولي بقيمة 3.5 مليار دولار، والذي استنزف أزيد من 450 مليون درهم كعمولات مدفوعة عن الخط الائتماني، تحملتها المالية العمومية .
وأضافت الدراسة أن الحكومة بعد أن وعدت وهللت لتحقيق نسبة نمو للاقتصاد الوطني بمعدل سنوي 5,5% خلال الفترة 2012-2016 ، لم يتجاوز هذا المعدل 3,2%، علما أن النمو المتوقع لسنة 2016 لن يتعدى 1.5 % حسب آخر التوقعات.
وفي مجال البطالة وعد البرنامج الحكومي بتخفيض نسبتها إلى 8% ، بينما ارتفع معدل البطالة من 8,9% سنة 2011 إلى 9,7% سنة 2015، وقفز لدى الفئة العمرية من 25 إلى 34 سنة، إلى 21,1% بعد أن عرف شبه استقرار خلال سنوات 2009 و2010 و2011 (19,1%).
وفي مجال المديونية العمومية ، سجلت التفاقم المهول وغير المسبوق لحجم الدين العمومي، الذي تجاوز نسبة 81 % من للناتج الداخلي الخام، أي ما يفوق 825 مليار درهم ، مما يؤدي موضوعيا إلى رهن مستقبل الأجيال الحالية واللاحقة، حيث أضحى كل مواطن مغربي مع نهاية ولاية هذه الحكومة، مدينا للأطراف المانحة بحوالي 24 ألف درهم .
وعلى مستوى الأمية تعهدت الحكومة بتقليص معدلها إلى 20% في أفق 2016 ، فيما يصل المعدل الفعلي 32% .
من جهة أخرى ، ترى الدراسة أن ما تحقق من أهداف كالتحكم في معدل التضخم والتحسين الطفيف للتوازنات الماكرو اقتصادية، لا يمكن نسبه لمجهودات حكومية صرفة، بل تحققت بفضل عوامل خارجة عن إطار عمل الحكومة كمجهودات بنك المغرب وتراجع أسعار المواد الأولية في الأسواق العالمية، الذي ساهم كذلك في تقليص عجز الميزان التجاري.
وعدا ذلك، تقول الدراسة ، فإن الحكومة لم تنجح في الوفاء بباقي الالتزامات المصرح بها ، مما يؤكد عدم توفرها على استراتيجية مؤطَرة وفق نسق منطقي وعلمي، تستند إلى دراسة دقيقة للإمكانيات المتاحة و تشخيص دينامي للوضعية الاقتصادية والاجتماعية.
ومن مظاهر عجز الحكومة وغياب الرؤية لديها ، حسب الدراسة ، تراجع كل المؤشرات الاقتصادية كتقلب معدل النمو وارتباطه الوثيق بالظرفية، وتراجع معدل الاستثمار من 35,8% سنة 2011 إلى 29,9% سنة 2015، مما يتناقض مع ما تدعيه الحكومة من دعم لسياسة العرض وتوسيع قاعدة الإنتاج، كما أن تراجع وتيرة ارتفاع الطلب الداخلي من 6,6% سنة 2011 إلى 4,6% سنة ،2016 تُفند ادعاء مواصلة دعم الطلب الداخلي.
وباستثناء بعض المشاريع الكبرى التي تعكس فلسفة الأوراش الملكية ، كالمخطط الصناعي ومخطط المغرب الأخضر والاستراتيجية الطاقية، فإن الحكومة، تقول الوثيقة ، لم تُوفِ بأي من التزاماتها في مجال الاستراتيجيات القطاعية.
وفي المجال الاجتماعي سجلت الدراسة أن التوجه والتدابير الملتزم بها كانت مجرد شعارات جوفاء للاستهلاك الانتخاب، حيث تبرز حصيلة أربع سنوات أن التفاوتات الاجتماعية والمجالية تفاقمت، وقطاعات التعليم والصحة والسكن لازالت تتخبط في المشاكل، إن لم تكن قد استفحلت.
وأضافت أنه باستثناء المشاريع الاجتماعية الكبرى التي أطلقها الملك قبل مجيء الحكومة كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ونظام المساعدة الطبية (RAMED)، لم تكن حصيلة الحكومة على المستوى الاجتماعي في مستوى حجم الإنتظارات.
من جهة أخرى سجلت الدراسة عجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها في تعزيز الهوية الوطنية الموحدة، التي ظلت شعارا أجوفا كباقي الشعارات المؤطرة للبرنامج الحكومي، كما لم تُوف بالتزامها بتطوير الاستراتيجية الوطنية الخاصة بالتربية على حقوق الإنسان والقيم المغربية وربط الحقوق بالحريات، وكذا تطوير وتنمية استعمال اللغة العربية وإصدار قانون خاص بها.
وفي مجال التنزيل التشاركي والديمقراطي للدستور ، سجلت ةالدراسة تعثر وتأخر المصادقة على القوانين التنظيمية، مما يطرح إشكال التنزيل السليم للقوانين، بما يمكن من ملامسة آثارها من طرف كل الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين، وفي مقدمتهم المواطن المغربي البسيط ، مشيرة كمثال على ذلك إفراغ الجهوية من محتواها، من خلال إصدار قوانين تنظيمية لا تستجيب شكلا ومضمونا للغايات والأهداف التي حددها الدستور، ونفس الأمر يصدق على إصلاح أنظمة التقاعد، وإصلاح صندوق المقاصة والإصلاح الجبائي.