اخبار المغربمجتمعمستجدات

“الاستقطاب الأسري” من طرف الجماعات الإرهابية يسائل دور المدرسة ومؤسسات المجتمع المدني في محاربة التطرف

الخط :
إستمع للمقال

أكد المكتب المركزي للأبحاث القضائية، أمس الخميس، على خطورة خلية “الأشقاء الثلاثة”، التي تم تفكيكها الأحد الماضي بحد سوالم، التي لا تقتصر على المخطط الإرهابي المتقدم الذي كانت تنوي تنفيذه، بل تمتد لتشمل تصاعد “الاستقطاب الأسري” كرافد من روافد التطرف والتجنيد لتنفيذ عمليات إرهابية.

وفي هذا السياق، أشار حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، خلال ندوة صحفية بمقر “البسيج”، إلى أن تأثير المتطرفين داخل الأسرة قد يؤدي إلى تشكيل جيوب مقاومة للأعراف والتقاليد المغربية، مما يهدد وحدة المجتمع، وهذه الظاهرة تستدعي اتخاذ تدابير فعالة لمواجهة التحديات الأمنية والاجتماعية المرتبطة بالتطرف الأسري، لضمان حماية النسيج الاجتماعي المغربي.

وقال الشرقاوي، “وللأسف الشديد، فقد استطاع الأمير المزعوم لهذه الخلية الإرهابية، وهو الشقيق الأكبر، تحويل أسرته الصغيرة كحاضنة للتطرف والتجنيد والاستقطاب لفائدة مشروعه الإرهابي، مستغلا في ذلك سلطته المعنوية وقدرته على التأثير السلبي في محيطه المجتمعي القريب”.

أبعاد سوسيولوجية

وقال خالد مونة الأستاذ الجامعي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، ضمن تصريح لموقع “برلمان.كوم”، إنه “انطلاقا من الدراسة التي قمنا بها بين 2021-2024 حول الأسباب التي تؤدي لحدوث هذا النوع من التطرف، نجد أن المداخل متعددة منها ما هو مرتبط بالحرمان المجالي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي”.

وأكد أستاذ علم الاجتماع، أنه رغم الجهود الأمنية التي تبذلها الدولة، سواء كانت استباقية أو بعدية، إلا أن هذه المقاربة لوحدها غير كافية ولا تستطيع التأثير الفعال في الديناميات التي تنتج التطرف العنيف.

وأشار خالد مونة إلى أن الأسرة أصبحت حاضنة للراديكالية العنيفة، مما يبرز تأثير الأيديولوجيا المتطرفة في المجتمع، هذه الراديكالية لا تنشأ في فراغ، بل تتغذى وتُنتجها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة، وهو ما يجعل من الضروري فهم هذه الديناميات بشكل أعمق.

وقد أبدى الأستاذ قلقه من أن الخطاب الديني، حول الهوية الدينية للمغرب ما يساهم في إنتاج بنيات مقاومة فعالة ضد التطرف، مما يزيد من تعقيد الوضع.

كما تناول الأستاذ الإشكالية المتعلقة بالمقاربة الأمنية التي اعتمدت في المغرب، حيث اعتقد البعض أنها كافية لتحقيق أهداف أمنية كبيرة، فالتحديات المرتبطة بالتطرف العنيف تتطلب استراتيجيات أكثر شمولية وتكاملية تتجاوز الحلول الأمنية التقليدية وفق ذات المتحدث.

وأكد مونة على أهمية دور المدرسة ومؤسسات المجتمع المدني في مواجهة التطرف العنيف، مشيرا إلى أنه يجب فتح المجال لهذه المؤسسات للمساهمة الفعالة في هذا المجال، باعتبار أن المقاربة الأمنية لن تكون كافية لوحدها لتحقيق الأهداف المنشودة.

وقال الأستاذ الجامعي والأنتروبولوجي، إن “العمل على تعزيز التعليم والتوعية المجتمعية يعد من الخطوات الأساسية في بناء مجتمع مقاوم للتطرف، وهو ما يتطلب تعاون جميع الفاعلين في المجتمع.

أبعاد نفسية

ومن جهة أخرى، وفي تصريح أدلت به لموقع “برلمان.كوم”، كشفت بشرى المرابطي أخصائية نفسية وباحثة في علم النفس الاجتماعي، عن العلاقة بين هشاشة الهوية النفسية وظاهرة الانتماء للجماعات المتطرفة، معتبرة أن العجز عن تحقيق الهوية الذاتية خلال مرحلة المراهقة أو الشباب يُعد أحد الأسباب الرئيسية وراء هذا الانتماء، مشيرة إلى أن الشباب الذين يعانون من أزمة هوية قد يسقطون في الهوية السلبية، حيث يعتبرون أن لعب أدوار سلبية في المجتمع خير من الإحساس بالفراغ.

وترى المرابطي أن الاضطرابات النفسية تلعب دورا حاسما في هذا السياق، ومن أبرزها اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، الذي يتسم بحمل عداء عميق تجاه المجتمع وتبني سلوكيات تخريبية ومعادية للأعراف، كما تطرقت إلى اضطراب الشخصية البارانويا، وهو نوع متقدم من النرجسية يدفع الأفراد للشك المرضي في الآخرين وتبرير التطرف كوسيلة لإثبات الذات.

وتحدثت الأخصائية أيضا عن انتماء أسر بأكملها للجماعات المتطرفة، مبرزة أن هذه الظاهرة غالبا ما ترتبط بوعود وردية تقدمها هذه الجماعات لتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، موضحة أن الأسر التي تعاني الفقر والهشاشة والافتقار إلى الاندماج الاجتماعي قد تجد في الجماعات المتطرفة بديلا يوفر لها الشعور بالانتماء والهدف، خاصة إذا كانت تعاني من صدمات نفسية ومشاكل مهنية أو اجتماعية.

وتضيف المرابطي أن الجماعات المتطرفة تعتمد على خطاب مشوه لإقناع الأفراد والأسر، زاعمة أن المجتمع المحيط بهم لا يمثل الإسلام الحقيقي، بل تصفه بـ”مجتمع الكفر”، وتُقنع هذه الجماعات أتباعها بأن التطرف هو الطريق الوحيد للتكفير عن “ذنوب المجتمع” وتحقيق الطهرانية الدينية، وهذه الأفكار تجد صدى لدى الأفراد الذين يعانون من هشاشة نفسية واستعداد داخلي لتبني نظرة عدائية تجاه المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى