الأخبارسياسة

استقالة العماري تبشر بنهاية القيادات الحزبية الشعبوية

الخط :
إستمع للمقال

بعدما بدا وكأنه يخبر بشكل منقطع النظير كواليس عوالم السياسة، وبعدما أحكم قبضته على الخطابات الشعبوية بالشكل الذي ينم عن تشبثه اللامشروط بتدبير الشأن السياسي، اختفى عن الأنظار ليفاجئ الوسط الحزبي بتقديم استقالته، التي تشبث بها إلى آخر لحظة، إنه إلياس العماري الذي اختار طوعا التنحي عن المعترك الحزبي أمام اللجنة الوطنية المكلفة بالإعداد للدورة الاستثنائية للمجلس الوطني.

وتعتبر هذه الخطوة سببا مباشرا في إثارة مجموعة من التساؤلات، التي تخص أساسا مستقبل الحزب، ويبدو أن فاطمة الزهراء المنصوري ستظل رئيسة له لأن رهان الدورة القادمة للمجلس هو انتخاب أمين جديد مكان إلياس العماري لا غير.

وفي إطار تتعدد فيه قراءات المحللين السياسيين والمتتبعين للشأن الداخلي لحزب “الأصالة والمعاصرة”، أكد الباحث في القانون الدستوري، رشيد لزرق في تصريح لـ“برلمان.كوم”، أن استقالة إلياس العماري تعتبر نتيجة متوقعة، استنادا لنظرية سياسية جديدة تفيد بأن تجاوز منطق السياسات الشعبوية هو أمر لا مناص منه، خصوصا وأن استقالات القيادات السياسية السابقة يزكي هذا المعطى.

ويضيف الباحث أن فقدان الثقة في القيادات الشعبوية، هو السبب الرئيسي الذي يشكل الفاعل الأساسي للاستقالة، بعدما أصبحت العلاقة بين القادة السياسيين والمواطنين علاقة متشنجة، يحكمها النفور وغياب قابلية التواصل.

وأشار اللمتحدث إلى أن هذه الاستقالة تعتبر فقط جزءا من مجموع الاستقالات اللاحقة التي يتنبأ بها كل من له دراية بمجريات المشهد السياسي في المغرب، “هناك من القيادات السياسية من استقالت كتعبير ضمني على الفشل في التعامل مع متطلبات المواطنين، وفي المقابل هناك قيادات أخرى لازالت تقاوم وتتستر على هذا الفشل”.

ويضيف رشيد لزرق، أن هذه الاستقالة تعتبر بمثابة العامل الفاعل الذي سيعبد الطريق لإعادة هيكلة المشهد السياسي، من خلال إعطاء فرص التدبير السياسي للطاقات الشابة الصاعدة، في أفق إحداث تغييرات جذرية في العمل السياسي الحزبي للمغرب.

وأردف أن استقالة إلياس العماري، ستمكن من إعطاء الفرصة للطاقات الصاعدة من أجل ابتكار أدوات التدبير السياسي الجديدة باعتماد أدوات حديثة وبديلة، خصوصا وأن الطرق المعتمدة من قبل القيادات السابقة أبانت عن فشلها الذريع في استيعاب الإشكالات القائمة، التي تحول دون إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوز الصعوبات التي تشل المشهد السياسي في الوقت الراهن.

“استقالة العماري، تعتبر خطوة إيجابية، كونها ستعطي الفرصة لبروز الطاقات السياسية البديلة، خصوصا وأن المشهد السياسي يعج في الظرفية الأخيرة بمشاهد صارخة تعبر عن العنف اللفظي وغيره من تجليات الصراع، التي تنعكس في معظم الحالات بشكل سلبي على نتائج العمل السياسي.” يقول الباحث رشيد لزرق.

وختاما يشير الباحث إلى أن تدبير الشأن السياسي، يجب أن يقوم أساسا على اعتماد المقارعة الفكرية وليس الشخصية التي تنحصر في الحسابات الذاتية الضيقة، لأن معظم القيادات السياسية الحالية كرست منطق الأفراد وليس المؤسسات، حيث ترتبط القرارات بشخص الزعيم السياسي فقط، الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على مصالح المواطن المغربي الذي تكون علاقته بالسياسة مضطربة وتحكمها مجموعة من الاختلالات التي تستنبط قوتها من سوء التسيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى