استجابت مجموعة من الفاعلين في المجتمع لحملة المقاطعة، التي انطلقت من العالم الافتراضي “الفيسبوك”، حيث أبان عدد من الإعلاميين والباحثين الاجتماعيين، عن مساندتهم المطلقة للمواطنين، وخرجوا بتدوينات على “الفيسبوك” يثبتون تضامنهم اللامشروط، من خلال التأكيد على أن المقاطعة خطوة صحية.
حملة انطلقت من “الفيسبوك”…لتصنع الحدث في الواقع
مصطفى الشكدالي، الباحث في علم الاجتماع والتحليل النفسي، خرج بتدوينة على “الفيسبوك” حول العالم الافتراضي والمقاطعة، يقول “إن الأطروحة التي دافعت عنها، في كتابي المشترك مع عبدالحق محتاج، (المجتمع والافتراضي) أصبحت تتحقق، عن طريق حملة مقاطعة مواد احتكرت السوق المغربي، والتي انطلقت من (الفيسبوك) لتصنع الحدث على مستوى الواقع”.
هي نوع من العصيان المدني… يصعب التحكم فيه
وأوضح أن هذا مؤشر قوي على الوعي الاجتماعي بالتكنولوجيا الرقمية، كوسيلة فعالة للتأثير في الواقع وضبط التحكم الممنهج. “إنها نوع من العصيان المدني الذي يصعب التحكم فيه…”.
وفي الصدد نفسه أشار الباحث، إلى أنه بقدر ما أصبحت حملة المقاطعة الافتراضية واقعا، بقدر ما ارتفعت أصوات مضادة تستهجن هذه الحملة، بدعوى أن المقاطعة لا توجد إلا في العالم الرقمي.
العالم الرقمي …قوة ضاربة في التأطير أكثر من تنظيم سياسي
وأضاف أنه في الرأي المضاد، غياب تام لفهم واستيعاب أن التكنولوجيا الرقمية، وما تتيحه من تفاعل وتأثير عن بعد، أصبحت قوة ضاربة في التأطير أكثر من أي تنظيم سياسي، كيف ما كانت قوته المادية والمعنوية، وختم قوله بـ”أنا مع المقاطعة”.
أسطورة الإضرار بالاقتصاد الوطني.. مجرد خرافة
في السياق نفسه، تداولت بعض المجموعات على “الفيسبوك” التي تجمع عددا من الصحفيين والإعلاميين، موضوع المقاطعة، حيث تم التركيز على انتقاد الأحكام الجاهزة التي تلفظ بها بعض القائمين على الشركات المعنية بالمقاطعة، والتي وجهت بشكل مباشر حكما سلبيا للمواطن المغربي، الذي انتفض واستهجن هذه المواقف انطلاقا من المنصات الإلكترونية.
ومن النقاط البارزة في النقاش الافتراضي، الذي انتقد الرفع من الأثمنة نجد ما يلي:
- أسطورة الإضرار بالاقتصاد الوطني، مجرد خرافة، لأن شركة “دانون” على سبل المثال، يمتلك الفرنسيون 90 في المائة من أسهمها، وقد سبق لبنك المغرب، في تقرير رسمي أن انتقد الاستثمارات الأجنبية لأنها تحول أرباحها بالعملة الصعبة للدولة الأم، وهو ما يخلق حالة من العجز في احتياط الدولة من العملة الصعبة.
- أن الحملة تضر بالفلاح الفقير، هذا إذا كانت الشركة أصلا تشتغل مع صغار الفلاحين لأن مصدرها الأساسي هم الإقطاعيون الكبار.
المواطن ذاق مرارة تبخيس صوته وقراره
في السياق نفسه تنضاف النقاط التالية، التي تمت مناقشتها بشكل بارز على مستوى المنصات الرقمية، في العالم الافتراضي:
- انتشار الحملة بشكل كبير مرده أن المواطن الذي ذاق مرارة تبخيس صوته وقراره، اليوم يجد أن لقراره تأثير ويمنحه حرية الاختيار، وإسماع كلمته دون وسيط، لأن الوسيط كذب عليهم وقال لهم ذات يوم “صوتك فرصتك لمحاربة الفساد وعطيوني صوتكم وخليوني مني ليهم”.
- انتشار ثقافة التخوين واستعمالها حتى لدى الشركات أمر خطير، لأنها تسبغ على هذه الشركة صفة الثابت الذي لا يمكن الاقتراب منه، والمواطنون المغاربة يعرفون ثوابتهم جيدا الملكية والإسلام والوحدة الترابية.
- من يقول إنها حملة سياسية، فهذه ليست مسبة في حق الحملة، لأن من يخلط المال بالسياسة عليه أن ينتظر مثل هذه النتيجة.
هل أنا من بلاد، الوطنية فيها تساوي نصف لتر من حليب مقدس
ردا على أن مقاطعة الحليب تعتبر ضربا صريحا في المواطنة، يقول المدون على وسائط التواصل الاجتماعي والإعلامي، محمد أعبابو، ” هل أنا من بلاد، الوطنية فيها تساوي نصف لتر من حليب مقدس…يحلب من جيوب صغار الفلاحين وفقراء الوطن”.
الماء هنا في موطني سيد مقدس تنقصه قبة ومزار
“الحرية في وطني ليست حاملة لقيم المساواة والعدل، بل هي حرية الشطط وغياب القوانين، حرية مطلقة تشبه كثيرا حرية حيوانات الغاب” يقول محمد أعبابو.
ويتابع “أنا من بلاد الأنهار والعيون المتعددة، وكيلومترات شاسعة من المحيط والبحر، ورغم ذلك فالماء هنا في موطني سيد مقدس تنقصه قبة ومزار، وله سادتة تحمل اسما مشتقا من الصلاح والصلح لكن ماءها ينافس النفط في الأثمنة المفروضة”.
ويختم قوله بـ”أنا من المداويخ يا سيدي…ودوختي سببها خمر إجباري يسكب في الجيوب”.
من خلال الاطلاع على صفحات “الفيسبوك” التي تداولت هذا الموضوع، تبين أن الأصوات جميعها تستقر عند مساندة موقف المقاطعة، إن كانت فعلا هذه الأخيرة ضد غلاء الأسعار وليست لها علاقة بالحسابات السياسية.