لدى الكثير من مسؤولينا ووزرائنا نوع من “الفوبيا” من الاستقالة وأضعف الإيمان الاعتراف بالخطأ والفشل، لذلك تجدهم كلما وجهت لهم أصابع الاتهام او تبث تقصيرهم في قضية معينة ينهجون سياسة النعامة التي تحشر أنفها في التراب إلى أن تمر العاصفة وتهدأ الأمور من جديد وتعود المياه إلى مجاريها.
هذا هو حال أنيس بيرو الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وقضايا الهجرة الذي اختار هذه الأيام التواري عن الأنظار بعد الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش والذي تحدث فيه الملك محمد السادس بصراحة وموضوعية عما يعيشه مغاربة العالم من معاناة يومية سواء في تعاملهم مع القنصليات أو خلال إدماجهم في الحياة العامة هناك في بلدان الإقامة.
يبدو إذن أن بيرو الذي أمضى قرابة أربعة سنوات على رأس هذه الوزارة لم يفلح حتى في القيام بدراسة أو بحث ميداني عن مغاربة العالم والتقصي عن مشاكلهم ومتطلباتهم وهمومهم اليومية، بل إنه لم يستطع حتى التنسيق مع مجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وبدل ذلك انشغل سعادة الوزير بسفرياته التي لا تنتهي إضافة إلى توظيف المقربين وجلبهم من وزارات أخرى لتثبيتهم على رأس وزارته إلى أن خرج موظفو وزارة الهجرة إلى الاحتجاج على تصرفاته السلطوية.
والمثير في الامر أنه منذ تعيينه وزيرا على رأس القطاع انكب أنيس بيرو على تعيين المقربين إليه في مناصب المسؤولية بدءا من الكاتب العام ومرورا بالمديرين ورؤساء الأقسام، وهو ما دفع موظفي الوزارة إلى الاحتجاج امام مقر وزارته وعبر عدة بلاغات.
ولم تتوقف ماكينة الوزير عند هذا الحد، بل ظل يمتطي الطائرة راحلا من مكان إلى آخر دون ان يتواصل على الوضع الذي تحدث عنه جلالة الملك حول حال عمالنا في الخارج ومشاكلهم المتعددة.
وقد تفادى أنيس بيرو مؤخرا زيارة باريس بمناسبة تنظيم المعرض المغربي للعقار تفاديا لمواجهة كانت مرتقبة مع ممثلي الجالية المغربية هناك، لكنه وجد ضالته في معرض ثقافي بألمانيا حيث كاد أن يستقر هناك بعيدا عن احتجاجات موظفيه والمواطنين الذين صوتوا عليه بمدينة بركان وجمعيات ممثلي الجالية في الخارج.
ورغم حديث البعض عن احتماء انيس بيرو بمظلات جديدة لطالما بحث عنها، فإنها لن تشفع له أمام الوضع البئيس والمعاناة الكبيرة لجاليتنا في الخارج التي التفت إليها الملك المؤتمن على شعبه لينصفها في خطاب العرش الأخير.
هذا كلام معقول فعلا وزيرا فاشلة بجميع المقاييس