تحتضن مدينة أصيلة هذا الأسبوع عددا مهما من اللقاءات الفكرية، التي يحج إليها العديد من المثقفين والمفكرين الذين اتخذوا من المنتدى الدولي الثقافي في نسخته الأربعين، موعدا لا حياد عنه، وهو ما جعل أصيلة مزارا ثقافيا وفكريا يتجدد اللقاء فيه سنة بعد أخرى.
بحضور ثلة من الباحثين والمفكرين، احتضن مركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية اليوم السبت بأصيلة، ندوة فكرية بعنوان “الاندماج الإفريقي: أين العطب؟، التي سلط من خلالها المتدخلون الضوء على مجموعة من المحاور الحاسمة في تحقيق الاندماج الإفريقي بالمغرب.
جل الباحثين الذين شاركوا بالندوة أشادوا بدور المقاربة الثقافية في تحقيق الاندماج، معتبرين أن الثقافة هي المفتاح الذي بوسعه أن يساهم في إنجاح الاستثمارات الذاتية والجماعية المرتبطة بالهجرة، والتي تلعب دورا محوريا في تشجيع الأجانب داخل المغرب على استغلال الاستثمار في الاتجاه الإيجابي الذي يخدم الطرفين، ويعزز موقع المغرب داخل بيته الإفريقي.
وعرفت الندوة قيد الحديث التي تناقش موضوع “الاندماج الإفريقي: أين العطب”، حضور الدكتور خالد الشكراوي الأستاذ الباحث في معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، الذي أشار إلى أن فكرة التكامل الإفريقي في إفريقيا كانت ولازالت تشكل هدفا أسمى، وهذا المسعى هو الذي أفضى إلى إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963.
وأضاف الشكراوي أنه بالرغم مما تحقق من أهداف وإنجازات عديدة، فإن عملية التكامل مازالت تواجه جملة من التحديات والعقبات والاختلالات.
وخلص المتحدث إلى التأكيد على أنه في ضوء تطلعات الاتحاد الإفريقي المعلنة في خطة عام 2063، وفي ضوء المؤشرات المسجلة على صعيد القارة من حيث الاتحاد والتكامل، “نخلص إلى أننا مازلنا بعيدين بأشواط عن تحقيق التكاملات المنشودة”.
ولفت الانتباه الشكراوي، إلى التساؤلات المحورية التي تحتم تقديم الأجوبة الشافية عنها، من قبيل ما دور الثقافات والحضارات في انبثاق إفريقيا موحدة؟ وما هي سبل تجاوز الاختلالات القائمة؟ وما هي النماذج والمنهجيات والمقاربات الجديدة اللازمة لتحقيق تكامل إفريقي أفضل؟.
من جهته، أشار يوسف العمراني، الوزير المكلف بمهمة لدى الديوان الملكي والوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون سابقا، عن الإرادة الملكية في تحقيق الوحدة الإفريقية، بالنظر لأهميتها في الحفاظ على القيم الثقافية المغربية الكفيلة بجعل بلادنا وهاجة، ومنتدى أصيلة من المرتكزات المضيئة “ضمن مغرب تعد ملتقياته الثقافية والفنية بمختلف تعبيراتها أحد شواهد الانفتاح الحضاري”.
في السياق ذاته، أشاد أليون سال “السينغال” المدير العام لمعهد مستقبل الأفارقة ببريتوريا، بالجهود التي يتم استثمارها في سبيل تحقيق الاندماج الناجح، وركز في مداخلته على الأهمية التي يجب أن تكون استثنائية ويجب أن يحظى بها موضوع الهجرة، معتبرا هذه الأخيرة قضية إنسانية قبل أن تكون سياسية، وهو الأمر الذي “يقتضي توحيد الجهود من قبل جميع الدول لأنها لا تخص بلدا دون آخر، بل لها توجه عالمي يخص الإنسانية منذ الأزل”.
ولم يفته في هذا الإطار، التأكيد على ضرورة تحقيق الأمن في المجتمعات على اختلافها، معتبرا أن الأمن هو الشرط الأول والحاسم الذي لا يمكن للمجتمعات أن تنجح في تحقيق الأهداف التي تسطرها في ظل انعدامه، خصوصا وأن الهجرة تطرح مجموعة من التحديات، الأمر الذي يحتم التنزيل الفعلي لمجموعة من المقاربات الأمنية، الكفيلة بتحقيق السلم والأمن الداخلي والخارجي.