الأخبارسياسةمستجدات

أسئلة بحجم قضية إسكوبار الصحراء: وماذا عن سعيد شعو ورسالة بنشماس وتأديب بنعزوز؟..

الخط :
إستمع للمقال

نشر موقع “برلمان.كوم” يوم أمس تحليلا مفصلا عن اعتقال قياديين بارزين في حزب “البام”، على خلفية اتهامات في ملف إسكوبار الصحراء. وتوقفنا ايضا عند المحاكمات التي تطال قياديين آخرين في هذا الحزب، وكيف أثرت هذه المحاكمات، والكثير من الممارسات على صورة الحزب، وكيف عمق حكيم بنشماس وإلياس العماري وعبد اللطيف وهبي آلام هذا الحزب وهمومه.

والحقيقة التي أكدها موقعنا مباشرة بعد نشره لخبر الاعتقالات، أن حزب الأصالة والمعاصرة أخذ مسافة بعيدة عن التدخل أو التحدث في الموضوع أثناء مرحلة التحقيق مع المتابعين، وهو ما نوهنا به حينها، ولكن هذا لا ينفي ضرورة تشجيع هذا الحزب على بذل مزيد من الجهود لتنقية عتباته وجنباتها، في إطار سياسة إصلاحية مستحقة.

ونتابع في هذا التحليل ملامسة باقي جزئيات هذه القضية، التي اختلط فيها الجنائي بالسياسي، لترسم في الأخير صورة مشوهة عن الفعل السياسي في المغرب، وما يمكن ان ينتج عنه، للأسف، من تلطيخ للمشهد كله.

إن أبرز سؤال في هذا التحليل تقودنا به الذاكرة إلى العشرية الأولى من هذا القرن، وحزب “البام” لايزال في صباه، وواحد من قيادييه يسمى إلياس العماري يتحرك ذات اليمين وذات اليسار، ليمارس كل الضغوطات الممكنة، كي تنضم أحزاب أخرى إلى “الوافد الجديد” كما سماه ادريس لشكر، ولن تنسينا الذاكرة صرخات عبد الله القادري: “اللي غلب يعف”، وتوجع نجيب الوزاني: “أخذوا مني كل شيئ”، وتهديدات مصطفى المنصوري: ” سنبلعهم قبل أن يبلعوننا”، إلى أن طفت على السطح قضية خطيرة ترتبط بتهريب المخدرات، فتكون انطلاقتها من داخل محيط جغرافي ينتمي إليه إلياس العماري بل إن بطلها هو ابن عمته المسمى سعيد شعو القادم من هولندا ليخوض غمار الممارسة البرلمانية، وينجح فيها قبل أن تتنبه العيون، فيصبح متابعا بحكم قوة القانون، ويفر إلى هولندا مهددا بكشف أسرار إلياس العماري، ومتهما إياه بخلق هذه الزوبعة كي يبعده عن أنشطته، وقد اتصل شعو يوما بموقع “برلمان.كوم” وطلب لقاءه هناك لكشف أسرار خطيرة قبل أن يتراجع ويوفد صحفي آخر للاعتذار عن الموعد. ويكفي اليوم لكل مهتم بالقضية، أن يعود إليها من بوابة إحدى محركات البحث في الأنترنيت، وله أن يربط الماضي بالحاضر، ويسأل ما شاء له أن يسأل عن علاقة ما وقع حينها بما يقع اليوم؟ وبالتالي ألم يكن الوقت مناسبا حينها لنوقف النزيف في بدايته، ونحد من الخسائر التي ستأتي بعد ذلك بالجملة، وتؤثر كثيرا على الممارسة السياسية في المغرب؟

وحين مجيء الربيع العربي بعواصفه الثورية في الشرق، لم تكن آثارها وخيمة على المغرب، بفضل حكمة ملكه، والإصلاحات الدستورية الكبرى التي أتى بها لدولته وشعبه. لكن مجيء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكومة، يعتبره البعض نتاجا لتلك الرياح الهائجة القادمة من مصر وليبيا وتونس، بالرغم من أن أدهى التحليلات كانت تقول على لسان أحدهم: “عندهم الربيع العربي، وعندنا إلياس العماري”. وبالتالي فبعيدا عن ضجة قلب الأحزاب الموجودة، فقد امتدت أيادي إلياس إلى المدينة الهادئة الجميلة، ليصنع فيها مهرجانا وجمعية، ويقود فيها فريقا لكرة القدم، قبل أن يدخلها منتخبا بفضل أصوات معدودة في دواره الصغير، ستقوده بعد ذلك لقيادة جهة بكاملها.

ليس هذا فقط، فإلياس الباسط نفوذه على حزب الأصالة والمعاصرة، سيخلط أوراق كثيرة، ويبعد كفاءات حزبية عديدة، ويقدم بدائل عنها من الحسيمة ونواحيها، فيظهر حكيم بنشماس رئيسا لمجلس المستشارين، وعزيز بنعزوز رئيسا للفريق الحزبي، وغيرهم كثير قبل أن تطفو أزمة الصراع الكبير بين فيلق مراكش وفيلق الحسيمة، فتأتينا رسالة بنشماس من الإكوادور لتوجه اتهامات خطيرة وتدعو إلى تنقية عتبات البيت وجنباته، ويذهب إلى خلاصة خطيرة جدا: “هي معركة نتشابك فيها مع قوة نشأت وترعرعت في سياق الانحرافات التي وقعت في صفوفنا، في غفلة منا أو بسبب تواطؤات، لم يكن لأشجعنا القدرة على التصدي لها في الوقت المناسب، فتغولت، وارتدت لبوس الشبكة أو الأخطبوط ذي الأذرع المتعددة”.

لقد استورد بنشماس في رسالته تلك قاموسا مليئا بألفاظ اعتدناها في حروب العصابات وشبكات المخدرات، بل إنه حول بقدرة الصورة والكلمة اجتماعات ولقاءات سياسية إلى حروب ومعارك حامية بمسميات غريبة: السبت الأسود، لقاء الخيمة، وقائع الدشيرة… وسار إلى ما سار إليه في سرده إلى أن قال: “أجزم بأن لهذا الأخطبوط رأس تتساقط وتتكشف أقنعته تباعا، يتخذ شكل ما أجرؤ على تسميته بالتحالف المصلحي لبعض مليارديرات الحزب الجشعون..”.

لقد اتفقنا في بداية هذا التحليل، أننا سنربط الماضي بالحاضر، ونكشف تداعيات سوء تدبير حزب، أتى في بدايته ليكون قيمة مضافة للمشهد السياسي، فحولته الممارسات الذاتية والسلوكيات المطمعية والأيادي الخفية، إلى سكة لم يوضع عليها، ووجهة لم يأت من أجلها، وبالتالي فقد ” تعرض إلى انحرافات كثيرة”، أبعدته عن مساره وعن الأهداف النبيلة التي أسس من أجلها. وأمام هذا الوضع علينا التوقف عند أسئلة هي وليدة ممارسات غريبة، فمن سعيد شعو الفار من قبيلته بتهمة الاتجار في المخدرات، والمنادي من هناك بلقاء “قمة” مع إلياس العماري، بإقليم كرديستان، بمناسبة ظهور هذا الأخير في صورة تجمعه ببعض الأكراد بمنطقتهم، إلى اعتقال وجوه أخرى اليوم بنفس التهم، إلى اختفاء زعيم فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، وهو عزيز بنعزوز، ابن تضاريس إلياس العماري، وجغرافية حكيم بنشماس، وهذا الأخير هو من وقع في الأخير على تحويله إلى المجلس التأديبي بعد أن خرجت أقوال وكتابات وتوجه لبنعزوز اتهامات خطيرة باختلاس مئات الملايين.

في ظل هذه الفترة وتلك النزاعات، كان نجم عبد اللطيف وهبي القادم من تارودانت يكبر ثم يكبر، إلى أن يتعانق مع طموحات فريق مراكش، وتمتد أياديه إلى دفء الشرق مع عبد النبي بعيوي ونفوذه، وتمددات سعيد الناصري وصولاته في الدارالبيضاء، وسخاء العربي لمحارشي وأمواله وهو القادم من وزان، وكل هذه الوجوه وغيرها تسللت إلى الحزب وحددت مواقع نافذة في دواخله.

وفي ظل هذه الزوبعة المتوثرة، خرج وهبي بتصريحات فوضوية، هي بحجم العبث الكبير، وضمنها تسجيلات كثيرة وضعته بسرعة البرق في ركب المشكوك في أقوالهم، ومنها تسجيل بحجم الاتهام حول قضية قضائية قال إنه سيدبرها “من تحتها”.

ولن تبعد عنا هذه الحقائق، كيف طفت إلى السطح قضية سرقة جواهر بنشماس من فيلته الفاخرة، لتنفجر تساؤلات كثيرة عن سر اغتناء هذا الأستاذ الجامعي، الذي كان حتى الأمس القريب متواضع الحال، ليصبح بسرعة خاطفة محط تساؤلات حول مصادر الجواهر والعقارات والاموال.

لقد ختمنا يوم أمس مقالنا التحليلي برسالة استنتاجية، هي أنه مهما تنافت المصالح، وتضاربت المنافع، وانتفخت الجيوب، وكثرت المطامع، فإن المغاربة باحثون لا محالة، عن القيم السياسية، والأخلاق الإدارية والنقاء الحكومي، وهم من أجل هذا الأمل، مستعدون لمزيد من الصبر، ما دام الهدف النبيل هو بناء مجتمع تتكامل فيه مقومات النبل والفضيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى