ملف الأسبوع: أزيلال.. 30 زاوية صوفية تجسد رعاية السلاطين العلويين للهوية الدينية
عرف المغاربة منذ تاريخهم الإسلامي المبكر بتوجههم السني المعتدل، وهو التوجه الذي توطّد أكثر مع دخول المذهب المالكي، الذي وحّد كلمتهم الدينية، وجمع صفّهم، ووحد عقيدتهم، مما كان له بالغ الأثر في صناعة الأمن على عدة مستويات أبرزها كان ولازال على مستوى الثوابت والخصوصيات الدينية للمغاربة، وهي الثوابت التي ارتضاها المغاربة وأجمعوا عليها منذ قرون، وكان من ثمارها أن أورثت المجتمع المغربي هوية دينية وحضارية متميزة عن باقي بلاد العالم الإسلامي.
جمال المحمدي المندوب الإقليمي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإقليم أزيلال، يوضح بأن “الامن الروحي الذي يجسد التصوف أسمى صوره، من خلال مؤسسة الزوايا باعتبارها محضن هذا الثابت الديني، في التزكية والتربية وتحقيق الأمن الروحي، حظي بعناية ورعاية كبيرتين من السلاطين الذين تعاقبوا على حكم المغرب وإدارة أموره، الذين أمدوه بالاهتمام الكبير، واستمدوا منه الطمأنينة، والسكينة ولمّ الشمل، والوحدة بين كل مكونات المجتمع المغربي، في انسجام تام وكامل، بعيدا عن المذهبية والطائفية”.
https://www.youtube.com/watch?v=rc4QgQM8eaY
ويتابع المسؤول في تصريح خص به “برلمان.كوم” أن “هذا الاهتمام بلغ مداه مع سلاطين الدولة العلوية الذين تجمع المصادر التاريخية أنهم كانوا غاية في تعظيم التصوف والزوايا، مما جسدوه في بنائها والعناية بها وتوقير الصالحين والأولياء، وزيارتهم والتبرك بهم، وإصدار الظهائر الشريف التي ترفع من مكانتهم، وتحفظ لهم مهامهم الموكولة إليهم.. وهي العناية والرعاية التي مازالت متواصلة في عهد الملك محمد السادس، وأبلغ تعبير عنها الرسالة السامية التي وجهها إلى المشاركين في الدورة الوطنية الأولى للقاء سيدي شيكر للمنتسبين للتصوف، والتي جاء فيها أن “رعايتنا لأحوال الزوايا، على غرار سنن أجدادنا الميامين، تقدير عميق من جلالتنا، لإسهام الطرق الصوفية المغربية في الإرشاد الروحي، ونشر العلم والتنمية، والدفاع عن حوزة الوطن ووحدته، وتماسك المجتمع، وتثبيت الهوية الدينية للمغاربة. والتصوف، وإن كان مداره على التربية وترقية النفس في مدارج السلوك، فإن له تجليات على المجتمع. ومن هذه التجليات ما يظهر في أعمال التضامن والتكافل، وحب الخير للغير، والحلم والتسامح ومخاطبة الوجدان والقلوب، بما ينفعها ويقومها”.
من كل ما سبق يصدق القول بحسب المتحدث أن “الزاوية مؤسسة دينية وعلمية واجتماعية، الزوايا مؤسسات متجذرة داخل المجتمع المغربي مما جعلها تساهم في مختلف اهتماماته المادية والمعنوية ولا شك أن من أهم تلك المهام وأنبلها ما قامت به الزاوية المغربية من تدعيم وترسيخ للثقافة الإسلامية الصحيحة والأصيلة، سواء تعلق الأمر بالمعتقدات أو الفقهيات أو التربية الصوفية، ذلك أنها في كل تلك المهام، ظلت تستمد أصولها ومنابعها من الكتاب والسنة والسلف الصالح”.
ويتابع المسؤول أنه و”فيما يتعلق بإقليم أزيلال، فهو يضم ما يربو عن 30 زاوية العديد منها ما يزال نشيطا يمارس مهامه وأدواره في تأطير المجتمع وحماية الثوابت الدينية والوطنية ونشر القيم والأخلاق من جهة، وتساهم من جهة ثانية في التعريف بالمنطقة وإشعاعها العلمي والثقافي من خلال الأنشطة والندوات واللقاءات التي تعقدها سواء مع منتسبيها ومريدها أو مع عموم المواطنين”.
ويضيف المسؤول أن “إعادة هيكلة الحقل الديني بالمغرب استندت إلى مجموعة ركائز من بينها اعتبار البعد الروحي ثابتا من ثوابت التدين عند المغاربة، ومن هنا كانت العناية الفائقة التي توليها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا البعد ومن خلاله للزاوية باعتبارها قطب رحى هذه العملية، إذا استحضرنا الأدوار الطلائعية التي قامت بها الزوايا بمختلف مشاربها في حماية وحدة الأمة وتحصينها من التيارات الدخيلة والمحافظة على مقومات الهوية والحضارة ونشر الفكر الوسطي المعتدل”.