نشرت مجلة “جون افريك” الفرنسية في عددها ما قبل الأخير استطلاعا تحت عنوان “هؤلاء العشرون الذين سوف يصنعون المغرب”.
مراقبون كثيرون استغربوا هذا التحقيق الذي يعرض لنا أسماء لا ندري أي مغرب ستصنعه. فالتحقيق يقفز عن أسماء وازنة صنعت ولاتزال تصنع المغرب، ليختار بطريقة أكثر ما تميل الى الزبونية في بيع أسماء ثانوية التأثير، كما هو الشأن بالنسبة لعبد المالك العلوي ابن وزير الدولة الراحل أحمد العلوي، الذي يبدو أنه يعمل جاهدا من أجل تلميع صورته بشكل مريب، حيث حاول أن يبعث بثلاثة رسائل في آن واحد: أنا ابن المخزن الوفي أنا شريف علوي أنا شاب ذكي غير أن الصحفي الذي شارك في هذا الإستطلاع من البيضاء هو نفسه الصحفي الذي سبق له أن نشر على موقع مجلة “جون أفريك” بتاريخ 19 شتنبر 2014 حوارا-مقالا معززا بالصور هو أشبه ما يكون بالصفحة الإشهارية بعنوان ” عبد المالك العلوي: الرجل الذي يهمس في أذان الأقوياء” . موضوع المقال هو عن عبد المالك العلوي و عن نشاطات مكتبه للإستشارات و الدراسات ” غلوبال إنتلجنس”.
و على علة المقال الذي تميز بعيوب كثيرة، أهمها حالة الغرور الشديدة التي بدا عليها ابن الوزير من خلال تصريحاته، فإن الأخطر من هذا هو أن هذه التصريحات تسيء كثيرا للمؤسسة الملكية التي يدعي عبد المالك العلوي القرب منها، بحيث يرى أنه ابن ” دار المخزن (je suis un enfant du Makhzen) و أن حمل لقب العلوي يميط الصعوبات من أمام كل الأبواب، بينما الانتساب إلى مولاي احمد العلوي يجعل المهمة أسهل دون الحاجة إلى طرق كل الأبواب, و كأن علاقات المحسوبية و الوساطات العائلية ستبقى هي العملة المستمرة حتى بعد دستور 2011. ” Quand on s’appelle Alaoui au Maroc, les portes s’ouvrent assez facilement. Mais quand on est le fils du vizir Moulay Ahmed, pas besoin de frapper… “.
و بغض النظر عن الجانب السياسي المتردي لهذا المقال، نود أن نعود إلى إدعاءاته المتضاربة وغير الإحترافية. فهو يقدم نفسه كواحد من أهم المستشارين لصناع القرار النافذين بالدولة المغربية و الحكومة، خاصة فيما سماه بالذكاء الاقتصادي. لكن سرعان ما يناقض العلوي الدرس الأول في الذكاء الاقتصادي و هو سرية الخدمات و سرية الزبائن. فهو يستعرض لنا مختلف “الفتوحات” و “الإنجازات” التي حققها و قدمها لعدد من الشخصيات و في مقدمتهم مصطفى التراب، و مولاي حفيظ العلمي وعزيز أخنوش.
و إن كان يتوقع أن هؤلاء الذين وردت أسمائهم لن يكونون مسرورين من هذه التصريحات التي لم تحترم مبدأ السر المهني، كما أنها تصريحات تكشف أن الصفقات و العروض التي يتم تفويتها لابن” المخزن” المذلل كما يصف عبد المالك نفسه في المقالة لم تحترم أدنى القوانين المعمول بها في البلاد. هذا و قد أبدت عدة مكاتب استشارات انزعاجها من هذه التصريحات التي تكشف بالملموس أن شخصيات سياسية تقوم باستغلال نفوذها بتقديم عروض خدمات لابن احمد العلوي دون أدنى احترام لمسطرة العروض و تكافئ الفرص التي طالما شدد عليها رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران. أخطاء كثيرة – تحتاج إلى مزيد من التدقيق – اعترت المقال الذي استهان بذكاء المغاربة، إذ جاء يبشرنا “ملك المستشارين Le père conseillait le roi” ابن مستشار الملك est le Roi du Conseil كما وصفه المقال، خاصة في الشق المتعلق بالكفاءات العلمية لابن الوزير الذي، حسب تحرياتنا، كان قد درس فعلا بمدرسة الحرب الإقتصادية بباريس ( الخصوصية)، الغير المعترف بشهادتها لا بفرنسا و لا بالمغرب.
أما عن المدرسة العليا للعلوم السياسية بباريس فربما كان قد قضى فيها الشاب عبد المالك بعض الدورات التكوينية لا غير، دون أن ينال منها أية شهادة. أما المقالة الجديدة عن الذين صنعوا المغرب، فتتعلق مرة أخرى بترويج دعائي لا غير ل” الشريف: : المدافع عن الملكية” ” ابن وزير الدولة احمد العلوي”، ” صديق الصحفيين الدوليين”، المختص في الإعلام و الإستشارات المتعلقة بتحسين صورة المؤسسات الإقتصادية، ضمن ما سماه المقال: وفق “مقاربة أمريكية؟؟؟
و الملاحظ أن أحد محرري هذا المقال هو نفسه الذي حرر المقال السابق، مما يعطي انطباعا أكبر بأن الأمر لا يتجاوز مجرد وصلة إعلامية تحت الطلب من عبد الملك العلوي للصحفي البيضاوي.
و يبقى أن المقال الجديد على منوال سابقه، لا يراعي ذكاء المغاربة عند ما يعبرهم بذون ذاكرة، و هو ما يشبه مقاربة وزير الداخلية الراحل إدريس البصري في الترويج الدعائي، أكثر منها مقاربة ” أمريكية”، اللهم إذا كان المقصود بأمريكا، أمريكا اللاتينية و ليس الشمالية، كما نتمنى ان يكون محرروا المقالة يقصدون بصانعي المغرب، مغربا غير هذا الذي نعيش و ننعم تحت سمائه.