كثيرة هي الحالات اليومية والمتكررة التي ترصد ارتفاع معدل الجريمة في المجتمع المغربي، الأمر الذي ينم بشكل مباشر عن وجود مجموعة من الأسباب التي تبرر هذا الارتفاع، الذي يمكن رصده بالنظر لحالات الانتحار المتكررة، بالإضافة إلى تسجيل حالات العنف والجريمة التي تمتد غالبا إلى ارتكاب جرائم القتل.
ركح الجريمة يمتد ويشمل الشارع
تتعدد الأسباب التي تضفي المصداقية على القول “إن المدرسة، والأسرة وحتى الشارع المغربي، تكاد تكون مسرحا للجريمة”، التي تمارس على مستواهم مجموعة من السلوكات المنحرفة، التي تنبئ بتوتر العلاقات الاجتماعية، سواء داخل الأسر المغربية، أو غيرها من الأوساط الاجتماعية التي تشهد علاقات مشحونة، تعبر عن هذه الاضطرابات من خلال اللجوء لسلوكات تنحو منحى الجريمة.
دراسات تبحث عن أسباب انحراف السلوك واعتماد الجريمة “أسلوب حياة”
في السياق ذاته، تتعدد الدراسات والأبحاث الواردة في هذا الصدد، التي تصب في الجانب نفسه، من خلال محاولة البحث عن تقديم التفسيرات العلمية، في أفق تقديم القراءات التي توضح الأسباب الماثلة وراء انحراف السلوك الاجتماعي، واعتماد الجريمة “أسلوب حياة”، يتم اعتماده محل الحوار والنقاش للبت في الخلافات اليومية.
علي الحبابي واحد من أهم الباحثين، الذين اهتموا بدراسة هذا الموضوع الاجتماعي، من خلال محاولة البحث في الأسباب التي تبرر انتشار السلوكات المنحرة في المجتمع المغربي على وجه الخصوص.
الأسباب متعددة..والجريمة “مذاهب وأصناف”
في دراسة له، حول الموضوع قيد الحديث، يبين علي الحبابي، مجموعة من الأسباب المحورية التي تعتبر العامل الأول، الذي يؤجج هذه الظاهرة ويجعلها محط اهتمام مجموعة من الفاعلين.
من أهم هذه الأسباب تلك التي أجملها فيما يلي:
1-إغراق السوق المغربية بكل أشكال الخمور وتقريبها من المواطنين من خلال الإكثار من الحانات والمراكز التجارية ومحلات البيع، والترخيص بفتحها في الأحياء المكتظة بالسكان.
2- توفر المخدرات بكل أشكالها ولكل الفئات العمرية والتي تباع أمام الملأ، ويتم تعاطيها في أي مكان بما فيها المؤسسات التعليمة أو حتى داخل الفصول الدراسية.
3– فشل المدارس في التربية على القيم والأخلاق وتحول بعضها إلى مشاتل لنشر الانحرافات السلوكية، وعجر الأسر عن أداء دورها في المراقبة والتوجيه.
4– انتشار البطالة في صفوف الشباب.
5- تشجيع الميوعة والعهارة الجسدية والفكرية من خلال وسائل الإعلام المرئية منها.
وفي ظل انتشار الأسباب المساعدة على تجذر الجريمة في المجتمع المغربي، يحتد النقاش حول ضرورة خلق التفاتة حقيقية تروم استئصال جذور هذه الانحرافات، التي تهدد الأمن والاستقرار الداخلي للمجتمع المغربي. وهو الأمر الذي يتطلب تبني مقاربات تربوية هادفة، في أفق تجاوز هذا الوضع “المؤرق”.