الأخبارسياسةمستجدات

هذه هي حكاية تخوف المسؤولين المغاربة من يوم الجمعة 13 أكتوبر القادم

الخط :
إستمع للمقال

جاء في بلاغ الديوان الملكي، عقب استقبال الملك محمد السادس لرئيس الحكومة، والوزراء المعنيين بإنجاز تحقيق حول تأخر أوراش “منارة المتوسط” بمدينة الحسيمة، أن جلالة الملك أمر بإحالة التحقيق على أنظار المجلس الأعلى للحسابات، الذي كان رئيسه حاضرا في هذا الاستقبال، كي يبحث فيه ويقدم خلاصاته في أجل أقصاه عشرة أيام.

وجاء في البلاغ أن التحقيق هم المسؤولين المعنيين بهذا البرنامج، بمن فيهم الذين لم يعودوا يزاولون مهامهم في الوقت الراهن.

كما جاء فيه أن تقارير عمليات التقصي التي أنجزت التحقيق، استبعدت وجود أي عمليات اختلاس أو غش في انجاز وتتبع هذه الاوراش، إذ الامر يتعلق بوجود تأخر، وبعدم تنفيذ العديد من مكونات هذه المشاريع التنموية الهامة.

والمتأمل في بلاغ الديوان الملكي يمكنه التساؤل على الفور، لماذا قرر الملك إحالة الملف على المجلس الأعلى للحسابات، رغم توفره على صلاحيات واسعة، لمعاقبة المتورطين في التاخير، خاصة أن البلاغ تضمن بوضوح تهمتين وازنتين وهما: التأخر، ثم عدم تنفيذ العديد من مكونات هذه المشاريع التنموية الهامة، وهذا يعني عدم التحلي بالمسؤولية والامانة، وهي لمن لا يعرف، تهم ثقيلة جدا، خاصة حين يتعلق الامر بالتماطل في تنفيذ أوامر ملكية، وعدم انجاز اوراش وطنية.

والملاحظ أيضا، أن البلاغ الملكي أشار بصراحة إلى استبعاد تهمتي الاختلاس والغش، مما يعني ضمنيا ان العقوبات يمكن أن تكون إدارية وتاذيبية سياسية، فالوزراء حسب اختصاصات المحاكم المالية لا يمكم التحقيق معهم من طرف هذه الهيئات وكذلك البرلمانيون، لذلك فالبعد القضائي أصبح حاضرا خال إحالة الملف إلى المجلس الأعلى للحسابات.

وبما أن الوزارتين اللتين حققتا في هذا الملف هما أيضا معنيتان سواء تعلق الأمر بوزارة الداخلية أو وزارة المالية، و بالتالي فلا يمكنهما لعب دور الحكم والخصم في نفس الوقت، فقد أحيل التقرير على المؤسسة الدستورية الأكثر خبرة ومصداقية.

وقد اختار الملك رغم سعة صلاحياته، أن يحترم اختصاصات المؤسسات الموكول إليها النظر في مثل هذه الملفات، ومنها طبعا المفتشيات العامة بوزارتي الداخلية والمالية، ثم إحالة الملف على المجلس الأعلى للحسابات، لتعميق البحث والتحري، وإعطاء جواب سريع في الأمر. و معلوم أن هذه المؤسسة المعروفة بتقاريرها التي تحظى بمصداقية وثقة جميع الأطراف، بما فيها الأحزاب الممثلة في الحكومة السابقة والحالية، والمعنية بهذه الأزمة، وهي على الخصوص العدالة والتنمية والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية.

ثم أن المجلس الأعلى، على خلاف الوزارتين اللتين حققتا في الملف، يمكنه نشر تقاريره عبر موقعه الالكتروني، و بالتالي تصبح عمومية وموضوعة رهن إشارة المواطنين، ووسائل الإعلام، بكل تفاصيلها، وهو ما يتيح الإطلاع عليها من طرف المواطنين وبالتالي إحراج المتورطين ومحاسبتهم بما جنت أياديهم فتكتسي المحاسبة طابعا آخر وهو الطابع السياسي.

وقد حدد محمد السادس آجالا اقصاه 10 ايام ليقوم إدريس جطو بإنجاز مهمته، ويرفع خلاصاته الى الملك، مما يعني أن جواب جطو سيوضع أمام انظار الملك في تاريخ أقصاه 10 أكتوبر، أي ثلاثة ايام قبل الخطاب الملكي، الذي سيفتتح به الدورة البرلمانية الجديدة.

وإذ لا يمكننا التنبؤ بمضامين الخطاب الملكي، او توقع حجم العقوبات، وعدد المسؤولين المعنيين، من وزراء، ووولاة، وعمال، ومنتخبين، ومديرين عامين، فيكفي في هذا التحليل أن نخلص إلى أن استبعاد الاختلاس، يعني ضمنيا اعفاء مقاولات، وشركات، وعدة مؤسسات عمومية، من تهم كان ستؤثر سلبا على الحياة الاقتصادية للبلاد، كما حصل اثناء الحملة التطهيرية لأواسط التسعينيات.

ولكن المثير للانتباه أن الأحزاب التي لم تنتبه إلى مصلحة الوطن، وفضلت الانخراط في صفقات مصلحية وفق حسابات ذاتية وحزبية ضيقة، لم تتوقع أن تقع في ورطة كهذه، وأن تحاسبها اليوم دولة المؤسسات، حسب حجم وثقل اخطاء المنتسبين إليها.

ومن جهة أخرى، هناك أحزاب أخرى انتابها شئ من الغرور، وصدقت انها اقوى من كل المؤسسات، لمجرد أن العضلات التي تمتلكها هي وليدة تمارين المسار الديمقراطي الذي اختاره المغرب، وبالتالي فلايمكن لصناديق الاقتراع، رغم شفافيتها، ان تمنح للفائزين شيكا على بياض، كي يصولوا ويجولوا، ويتخلوا على وعودهم، وينقلبوا على إرادة المواطنين، بل ويتجاوزوا سلطاتهم عبر اساءة استخدامها، او التلاعب شططا في توظيفها، والتماطل قي أداء الواجب الوطني، أو اهمال المسؤولية وفق الاختصاصات الممنوحة لهم.

ومن الملاحظات الطريفة التي ستصادف افتتاح البرلمان يوم 13 اكتوبر المقبل، أن هذا التاريخ يوحي لدى الاوروبيين بمعتقدات متشاءمة، ترتبط بالحظ السئ، خاصة إذا صادف الرقم 13يوم الجمعة .

وتعود مرجعيات هذه الاعتقادات الى معتقدات دينية مسيحية، واحيانا اساطير وحكايات تحولت من خيال الخرافة الى تجسيد الواقع.

ففي سنة 1970، ورغم كل الانتقاذات على اختيار التاريخ والاسم والساعة، اطلقت مركبة ابولو 13 يوم 13 ابريل على الساعة 13و13 دقيقة، ولم تنجح في الوصول الى القمر، وتوقفت الرحلة، رغم الامال الكبيرة التي وضعت من اجلها، والاموال الطائلة التي صرفت عليها.

ومن يومها لا يمكن لاي مستثمر سياحي في الولايات المتحدة أن يخصص غرفا للسكن في الطابق رقم 13 من فندقه، كما لا تعتمد قاعات السينما في فرنسا هذا الرقم في تصنيف مقاعد الجلوس، واستبدلت الخطوط الفرنسية رقم 13 ب 12A في مقاعدها، ومنعت سيارات السباق الفورمولا1 رقم 13 اثر حادثتين مميتتين وقعتا سنتي 1925 و 1926…والحكايات اكثر رعبا، وإثارة للشؤم والتشاؤم، ونحن نوردها من باب الطرافة والذكرى، لا من باب النذر والتطير وتخويف السادة المسؤولين المتورطين.

حقيقة أن العديد من المسؤولين ينتظرون يوم الجمعة 13 اكتوبر بخوف شديد، بل ومنهم من قد تبلغ قولبهم الحناجر ساعة دخول البرلمان، ولكن المؤكد ان الوطن يخطو خطاه بمسؤولية وأمان في ظل احترام دولة القانون والمؤسسات، وانبثاق عهد جديد للحكامة والانضباط، انطلاقا من التاريخ الذي يتشاءم به الاوروبيون…الجمعة 13 اكتوبر.. والذي يمكن ان يشكل تاريخه انطلاقة جديدة للتفاؤل بالمغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى