أظهر محك تدبير الشأن العام، الذي تقوده حكومة سعد الدين العثماني، عدم تمكنها من تجاوز الإشكالات التي طبعت تجربة سابقتها، وفق ما أكده العديد من المتتبعين للشأن السياسي، الذين أكدوا في أكثر من مناسبة أن توقيع ميثاق الأغلبية ظل حبرا على ورق.
التشظّي الذي عكسه خروج حزب “الاستقلال” في بداية تشكيل الحكومة، ودخول حزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، والتباين الحاصل على مستوى تحمل المسؤولية، بعدد من السياسات الحكومية بين مدافع ومتنكر لها، شكل عائقاً دون تحقيق التناغم المفترض لبلورة أداء في مستوى التطلعات، وطرح إشكالية قدرة العثماني على تذويب الخلافات داخل الأغلبية الحكومية.
شخصية العثماني وفشلها في ضبط مكونات الحكومة
محمد شقير، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي، أبرز أن شخصية العثماني، تتسم بخصائص مختلفة عن شخصية عبد الإله بن كيران الزعيم السابق للحزب، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة الحالي تنقصه الكثير من “القدرة الضبطية” والمؤهلات الشخصية التي ستجعله “يتحكم” في بعض الوزراء.
وتابع شقير في تصريحات لـ”برلمان.كوم“، “هناك شخصيات يعتبرون أنفسهم تقريبا في نفس مقام العثماني الشيء الذي يجعل قدرته على (التحكم) في هذه المكونات تبقى محفوفة بالعديد من الصعوبات”.
الاختلاف أذكاه التنافس بين “البيجيدي” و”الحمامة”
وأضاف شقير في ذات السياق: “التجانس داخل الحكومة بنيوي، ومرتبط بتداعيات تشكيل الحكومة”، يقول المتحدث، مشيرا إلى أن هذا الاختلاف أذكاه التنافس الحاد بين حزب “التجمع الوطني للأحرار” و”العدالة والتنمية” الذي طفى على السطح مؤخرا.
وزاد قائلا: “شخصية أخنوش تلعب دورا كبيرا داخل هذه التشكيلة الحكومية ولها تأثير كبير، وهو ما يجعل وظيفة العثماني صعبة، خصوصا من ناحية تذويب الخلافات بين مكونات الكتلة، ومن ناحية انظباط المكونات للقرارات التي يمكن أن يكلفهم بها رئيس الحكومة”.
وأوضح المتحدث، “ما أسلفت ذكره ظهر جليا خلال حملة مقاطعة المنتوجات الاستهلاكية الأخيرة، التي بينت حدة الخلاف بين (العدالة والتنمية) وحزب (الحمامة) حيث اتهم قياديوا حزب “التجمع الوطني للأحرار” الكتائب الإلكترونية “للبيجيدي” بقيادة المقاطعة.
هذا الاختلاف جعل “العدالة والتنمية” يحاول التنسيق مع حزب “التقدم والاشتراكية”، للعمل على الأقل من أجل ضمان هذا النوع من التناسق بين مكونات الحكومة، وهو ما تجسد خلال اللقاء الذي جمع الحزبين مؤخرا. وفق تعبير المحلل السياسي.
حملة المقاطعة التي أعلن مجموعة من قيادات العدالة والتنمية عن تبنيها منذ الوهلة الاولى نكاية في زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار اذا ما استمرت وارتفعت حدتها، سيكون لها تبعات على التحالف الحكومي الذي يمكن ان يصل الى حد القطيعة بين حزب المصباح والحمامات التي ستؤدي الى انهيار الحكومة.