ملف الأسبوع: أي دور لموريتانيا في نزاع الصحراء المغربية المفتعل؟؟
بعد أكثر من 5 سنوات على الجفاء، قامت موريتانيا منذ أسابيع بتعيين “محمد الأمين ولد أبي” سفيرا لها بالرباط لتذيب الجليد الذي طبع علاقات البلدين لأسباب لاتزال إلى حد الساعة مبهمة وغير محددة بشكل رسمي وموضوعي (غياب العقدة)، حيث رأى محللون في خطوة تعيين السفير الموريتاني إشارة إيجابية على تحسن العلاقة مع المغرب المبنية بالأساس على ماهو نفسي وعاطفي وتاريخي، أكثر مما هو سياسي أو اقتصادي كما يسري ومتعارف عليه في العلاقات الدولية والحياة السياسية.
ذلك أن موريتانيا تنظر للمغرب كأخ أكبر تربطها به التاريخ والجغرافيا والجوار والمصير المشترك، وهو ما يشعرها ربما أحيانا بالغيرة، اتجاه ما قد ترى فيه تغافل أو تقصيرا دبلوماسيا قد يطالها، رغم أن المغرب يخصها بمعاملة خاصة واستثنائية، تجلت في مناسبات عديدة كان آخرها التحركات الرفيعة التي أعقبت مباشرة تصريحات الأمين العام السابق لحزب “الاستقلال” “حميد شباط” وتقديم المغرب اعتذار رسمي عنها، عبر اتصال الملك محمد السادس بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وبعث جلالته وفدا رفيع المستوى يقوده رئيس الحكومة سنة 2016 تعبيرا عن احترام المغرب للحدود الرابطة مع موريتانيا ولشعبها وسيادتها وللقانون الدولي الذي يؤطرها.
ومع كل هذا، فقد مرت موريتانيا بتعاطيها مع قضية الصحراء المغربية بمراحل ومحطات عديدة علما أن أول انقلاب عسكري تشهده البلاد كان بسب هذا النزاع بعد الإطاحة بـ”المختار ولد داداه” أو ما يسمى بـ”أب الأمة الموريتانية” على يد مجموعة من الضباط بقيادة “محمد المصطفى ولد السالك” كما جاء في مذكرات ولد داداه التي عنونها بـ”موريتانيا على درب التحديات” وما كشفته من تفاصيل حول الصحراء واتفافية مدريد والمواجهات العسكرية مع البوليساريو بسبب التحالف والدفاع المشترك الذي كان قائما آنذاك بين المغرب وموريتانيا.
ومن الملحوظ أن العلاقات المغربية الموريتانية غالبا ما تتأثر بالرؤساء المتعاقبين على دفة الحكم بهذا البلد الصغير، ولعل أبرزهم كان هو الرئيس السابق والعقيد “معاوية ولد الطايع” الذي أسهم طيلة 21 من حكمه في استقرار نسبي وحياد إيجابي يصب في صالح المغرب وقضية وحدته الترابية على حساب الجزائر والبوليساريو، وهو ما أكده الدكتور “عبد الفتاح البلعمشي” أستاذ العلاقات الدولية بمراكش في تصريح لـ“برلمان.كوم” بأن علاقة المغرب وموريتانيا لا يحكمها المجمتع والقواعد الشعبية الموريتانية وإنما تتحكم فيها أجندات الرؤساء الموريتانيين وسياستهم الخارجية وهو ما يجعلها بين مد وجزر، في ظل إمكانيتها في لعب دور مهم بنزاع الصحراء المغربية وبما يخدم مصلحتها عبر تقريب وجهات النظر باستحضار العلاقات الجيدة التي تربطها مع المغرب والجزائر الأطراف الرئيسية لهذا النزاع.
وأضاف الدكتور البلعمشي في حديثه مع “برلمان.كوم” أنه من الواجب على المغرب البحث عن سبل إضافية لتوطيد العلاقات الدبلوماسية مع جارته الجنوبية وتطويرها، مشيرا أنه من غير المعقول أن يكون للمغرب علاقات وطيدة مع دول بعيدة ولا تكون مع موريتانيا لعدة اعتبارات أهمها هو الموقع الجغرافي المهم في ظل توجه المملكة الرسمي بالانفتاح على العمق الإفريقي باعتبار موريتانيا نقطة تماس بين المملكة المغربية ودول الساحل وجنوب الصحراء،
أما بخصوص الاستقبالات واللقاءات الأخيرة التي عقدت بالآونة الأخيرة بين أعضاء من جبهة البوليساريو وبعض الشخصيات الرسمية والحزبية بموريتانيا، فقد أكد “البلعمشي” أن ذلك يعد أمرا داخليا يخص الدولة الموريتانية، ولا يمكن التدخل فيه، مشددا بالتركيز على تطوير العلاقات واستحضار القدرة التي تتمتع بها موريتانيا في لعب دور فعال لإنهاء نزاع الصحراء المفتعل، ملفتا إلى موقفها المبهم بشأن التطورات التي شهدتها مؤخرا منطقة الكركرات الحدودية معتبرا إياه حافزا قويا من الضروري أن يتحلى به المغرب لأجل تعميق العلاقات بينه وموريتانيا ورفعها إلى أعلى مستوى ممكن.