ماذا تعرف عن ال “deja vu”؟
ألم يتسلل إليكَ من قبل شعور غريب اقشعر له بدنك واندهش له ذهنك بأن اللحظة التي أنت فيها قد تكررت من قبل بحذافيرها؟
أي وأنت جالس مع أصدقائك.. أو حين تمر في مكان معين تشعر بأن هذا الموقف قد حدث لك من قبل؟ وأنك قد شاهدت هذا المكان وهذا الموقف من قبل…. لكن أين..؟ وكيف..؟
الشعور لا يدوم طويلاً .. إنما هو فقط يومض بقوة مرة واحدة ويتلاشى في جزءٍ من الثانية.. مخلفاً وراءه سحباً من الإبهام والغموض تعيقك عن اللحاق به لفهمه بشكل أفضل وأعمق.
وبانقشاع تلك السحب يكون هو قد اختفى وتكون أنت قد نسيت الأمر برمته !!!
لعل أغلبنا قد مر بتلك التجربة أو هذه الظاهرة.. والجميع يتساءل عن كيفية وسبب حدث هذا الأمر..
هذه الحيرة أيضاً كانت تلازم علماء النفس والطبيعة والفلاسفة الذين انشغلوا كثيراً للإجابة على سبب وكيفية حدوث هذه الظاهرة، الذين أطلقوا عليها ظاهرة الديجافو..
ظاهرة الديجافو (Deja Vu)
الديجافو كلمة فرنسية تعني قد حدث من قبل وتعني حرفياً بالإنجليزية already seen وهي الإحساس بالألفة مع شيء يُفترض أنه ليس كذلك، مثال: تسافر لمكان لأول مرة في حياتك وتدخل مطعم مع أصدقائك وتجلسون إلى الطاولة وتتناولون عشائكم بينما تتناقشون في موضوعٍ ما وفجأة دون مقدمات ينتابك الشعور بأنك قد مررت بهذه اللحظة (بكل ما فيها) من قبل.. نفس المكان، نفس العشاء، نفس الموضوع، نفس الأوجه المحيطة بك.. كل شيء، كأنه حدث من قبل,,,,,, ولكن أين؟؟ ؟؟متى؟؟ ؟؟ لا تتذكر !!!!
وليس هذا فقط,,,بل إنك قد تتذكر ما سيحصل في الثواني القادمة (كأن يسقط شيء أو يمر شخص ما أو أي شيء) وفعلاً يحدث !!!!
فرضيات حاولت تفسير الظاهرة
المحللون النفسيون يرون في الديجافو تعبيراً عن رغبة قوية لتكرار تجربة ماضية، أما الأطباء فيفسرونها على أنها حدوث ( mismatching ) في الدماغ يتسبب في جعل الدماغ يخلط بين الإحساس بالحاضر والماضي ، أما علماء ما وراء الطبيعة فهم يعتقدون أن الديجافو يتعلق بخبرة حياتية ماضية عشناها قبل قدومنا إلى الدنيا في ذواتنا الحالية!
لا زال الغموض يكتنف هذه الظاهرة أسباب حدوثها ورغم الفرضيات والتخمينات التي حاولت تعليلها إلا أنّ أياً منها لا يمكن البت به بشكل قاطع، والمثير أكثر أنّ هناك ظاهرة معاكسة للديجافو.
Jamais Vu
إنها ما يسمى بالـ Jamais Vu وهي الإحساس بأن المألوف غريب وجديد وكأنه يُصادف لأول مرة! وأيضاً لا يدوم هذا الإحساس إلا لجزء من الثانية ..كأن تجلس مع أحد أصدقائك أو أفراد عائلتك ولوهلة تشعر وكأنك لم تره من قبل !! كأنه شخص غريب.
تفسير الظاهرة العلمي
تفسر هذه الظاهرة علمياً على أن المخ عبارة عن مناطق وكل منطقة مسؤولة عن وظيفة مثال:- الرؤية تكون في مؤخرة الرأس، السمع على الجوانب وهكذا.
وما يحدث أنك عندما ترى شيئا يترجمه الجزء الخاص بالرؤية visual center وهذه هي وظيفته ترجمة الإشارات إلى صورة فقط أما فهم هذه الصورة واستيعابها أو تذكرها إذا كانت مألوفة يكون في جزء آخر يسمى cognitive center.
في هذه الظاهرة يحدث في بعض الأحيان تأخر بين العمليتين وتمر برهة من الوقت تدخل فيها الصورة إلى مركز الذاكرة قبل الـ cognitive center.. ثم تذهب الصورة إليه لاحقا فيظن المخ أنه رآها من قبل.
وتحليل آخر يرجع هذا الأمر إلى أن تواجدك في هذا المكان أو الموقف يترجم الأحداث إلى إشارات في الأعصاب، فترسل الأعصاب هذه الإشارات إلى مركز الذاكرة القصيرة (short mory) ليتم حفظها هناك وتكون هذه العملية سريعة جداً أقل من جزء من الثانية. ولكن يحدث في بعض الأحيان أن ترسل الأعصاب نفس الإشارات إلى مركز الذاكرة الطويلة (long memory) بالخطأ.
فنشعر بان هذا الموقف قد مر بك من قبل!! وللعلم مركز الذاكرة الطويلة هي المكان الذي يحفظ فيه أحداث قديمه يمكن استرجاعها مع الزمن.
تفسير جزئي المخ
جميعنا يعلم أن المخ مكون من فصين أي جزئين.. أحد هذه الأجزاء متقدم قليلا أي بارز قليلا عن الآخر.. وعند إستقبال المخ لأي إشارة أو صورة.. يستقبلها الفصين معا، لكن في بعض الأحيان يستقبل ذلك الجزء البارز أو المتقدم قبل الأخر بثواني بسيطة جدا.. ثم ترسل للجزء الأخر الذي به يتم الاستيعاب الكامل لكل ما نستقبله من صور وأصوات وإشارات ضوئية وغيرها.. فعندما يستوعب المرء المكان أو الصورة التي أمامه.. يشعر أنه قد رآها سابقا.
ولكن الصحيح أنه قد خزنها في الذاكرة القصيرة قبل أن يتم استيعابها كاملا.. كل هذا يتم في ثواني معدودة.
الظاهرة وعالم الأحلام
إن ما نمر به من أحداث نشعر وكأنها مكررة أو صورة أخرى من موقف مضى ما هو إلا نسخة لحلم قد حلمناه مسبقاً ولكننا نسيناه ولم نتذكره.. وحين يحدث نفس الموقف في حياتنا العملية نتذكر أننا قد مررنا بنفس هذا الموقف أو المشهد من قبل.
فنحن يومياً نحلم بكل ما يدور في اليوم الآخر لـكن بطبع الإنسان ينسى كل ما يحدث فنتذكر ما يمكن تذكره، كما يؤكد بعض العلماء أنه يحدث أحيانا أثناء النوم أن يمر الإنسان بمراحل شفافة للوعي وللروح ولاستقبال الرسائل الكونية أي أنه يحلم أو يرى أجزاء من حياته أو مستقبله كما يحدث في الرؤية الصادقة.
فالنوم هو مفارقة النفس للجسد مفارقة جزئيه، وعندها تفارق النفس الجسد وتسبح في الفضاء فهي تلتقي مع نفوس أخرى ربما يكون أصحابها على قيد الحياة وربما يكون مضى وقت طويل على وفاتهم .. ومن هنا يأتي تفسير منطقي للاتصال بين أناس على قيد الحياة وآخرون مضى على وفاتهم وقت طويل ومن خلال ذلك يأتي تفسير منطقي آخر لظاهرة استحضار الماضي واستقراء المستقبل.