رفع المغرب من وثيرة الإصلاحات الاقتصادية والسياسية والإجتماعية، إبان احتجاجات ما عرف إعلاميا بـ”الربيع العربي”، الذي وصلت نسماته إلى المغرب، وأدت إلى إحداث إصلاحات دستورية مهمة، تكلفت الحكومة التي قادها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية برئاسة عبد الإله بنكيران، وبعده رئيس الحكومة الحالي سعد الدين العثماني، بتنفيذها.
وبعد مضي حوالي 7 سنوات، على تولي حكومة الإسلامين مشعل تنزيل هذه الإصلاحات على أرض الواقع، فإن أول سؤال يتبادر إلى الذهن يتجلى في مدى نجاعة الآليات التي اعتمدتها خصوصا حكومة عبد الإله بنكيران المنتهية ولايتها لتنفيذ هذه الإصلاحات، وماهي سبل تنزيلها بشكل يصل صداه إيجابا للمواطن المغربي؟
بنكيران قزم أدوار الدولة الإجتماعية
رشيد لزرق الخبير الدستوري المتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية، وفي تصريح لـ”برلمان.كوم“، وجه انتقدات لآليات التنفيذ الحكومي للإصلاحات، مشيرا إلى أنها اتجهت إلى اعتماد مقاربة الليبرالية المتوحشة، خصوصا في عهد عبد الإلاه بنكيران رئيس الحكومة السابقة، وتم ذلك عبر تقزيم أدوار الدولة الاجتماعية وتحويل الخدمات الصحية والتعليمية والتنموية المختلفة إلى القطاع الخاص، بشكل يتناقض مع نهج الديمقراطية الاجتماعية.
وذكر المتحدث، أن الملكية الاجتماعية تدخلت لمعالجة الاختلال الاجتماعي، وبلورة مشروع اجتماعي قائم على دمج قيم أخلاقية في السياسات التنموية والاقتصادية للدولة الوطنية. “وذلك بعد أن غيبت الاصلاحات الماكرو اقتصادية التي نفذها بنكيران، الشق الاجتماعي، وعجزت القيادات الحزبية المغشوشة عن إدارة المرحلة، خصوصا من خلال طرح حلول تعي حاجيات الشباب المغربي ويعطيهم الأمل في حاضرهم والحلم لمستقبلهم بالتنمية والتشغيل”.
ما يحتاجه المغرب لتجاوز الأزمة
وفي جواب على سؤال متعلق حول ما يحتاج له المغرب لتجاوز آثار السياسية الإصلاحية التي خلفها بنكيران، قال لزرق “إننا بحاجة لقيادات حزبية شابة واعية ومسؤولة بتحديات المرحلة، تمثل من خلالها المرجعية الديمقراطية الاجتماعية خيارا فكريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا، ويكون قوة اقتراح حقيقية ومعارضة فعالة من خلال رسم خارطة طريق وإستراتيجية لمستقبله في تحقيق المعادلة السياسية، خاصة بوجود خلل في المشهد السياسي العام”.
وأضاف المتحدث “إننا اليوم بحاجة الى ديمقراطية اجتماعية، كحاجة مجتمعية، تستلهم قيمها الأساسية من رحم المجتمع المغربي، وتكرس قيم الحرية والعدالة والمساواة والتضامن”.
المغرب يحتاج إلى العمل على استثمار المكاسب، ومواجهة سلبيات الانخراط الذي اتجهت فيه الحكومة في الليبرالية الاقتصادية، عبر تقوية قيم العدالة الاجتماعية مع الليبرالية السياسية، وتبني خيارات تقوم على التوزيع العادل للثروات وللسياسات ذات المضامين الاجتماعية، المرتكزة على أدوار الدولة في حماية للمجتمع، باعتماد نموذح تنموي تضامني بأبعاده المختلفة. وفق تعبير لزرق، الذي استطرد قائلا : “إن المشروع الاجتماعي يرسخ كرامة المواطِنات والمواطِنين عبر تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية”.
هذا، دون أن نغفل تجسيد مبدأ العدالة الاجتماعية، عبر بناء نموذج تنموي طموح من خلال إرساء دعائم اقتصاد وطني تنافسي ومنتج، بحيث لا يترك لآليات السوق النيوليبرالية وحدها الكلمة الفصل في السياسة الاقتصادية، دون تدخل الدولة عبر التخطيط والمراقبة والمساءلة والحكامة مع العمل على تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وفق تعبير ذات المتحدث.