الأخبارسياسةمستجدات

كيف يواجه ابن كيران تحديات تشكيل الحكومة القادمة في ظل شروط حلفائه المحتملين

الخط :
إستمع للمقال

أمس الاثنين ، كان يوما حافلا بالأنشطة واللقاءات، التي أجراها ابن كيران، زعيم الحزب الذي تصدر الانتخابات الاخيرة ورئيس الحكومة المعين ، والتي مثلت المرحلة الأولى من المفاوضات مع حلفاء محتملين لتشكيل حكومته المقبلة، التي يتطلع إلى أن تكون حكومة منسجمة وقليلة العدد ، لكن ذات أغلبية مريحة في الغرفة الأولى للبرلمان، وإن كان يبدو ذلك هدفا شاقا ومحفوفا بجملة من التحديات .

فبعد أسبوع من الغموض والمناورات داخل الكواليس، بدأ يتضح ما كان يخفيه السياسيون من نوايا ومواقف وشروط ، في أفق التموقع في المشهد السياسي خلال المرحلة القادمة ، سواء بالنسبة لمن اختار المشاركة في حكومة ابن كيران الثالثة ، أو لمن اختار البقاء في المعارضة .

لقاءات ابن كيران ومشاوراته السياسية شملت كل من امحند العنصر، أمين عام الحركة الشعبية ، ونبيل بن عبد الله ، أمين عام التقدم والاشتراكية ، حليفيه في الحكومة السابقة. كما شملت حميد شباط ، أمين عام حزب الاستقلال ،الذي كان مرفوقا باثنين من قيادة الصف الأول من حزب المصباح ، في دلالة لا تخطئها العين .

وبعد هذه الاستقبالات وما تلاها من تصريحات علنية وفي الكواليس ،  ظهرت للعيان بجلاء ملامح عملية الفرز بالنسبة للأحزاب والتحالفات المقبلة ، سواء بالنسبة للهيئات التي اختارت منذ البداية المعارضة أو اضطرت إلى ذلك ، أو تلك التي تخيفها المعارضة وتهددها بالاندثار واختارت الانضمام إلى التحالف الحكومي المقبل ، ربما على حساب المبادئ والمرجعيات.

بالنسبة لمعسكر المعارضة ، كان واضحا منذ البداية ،أن حزب الأصالة المعاصرة ، الذي احتل الرتبة الثانية في نتائج اقتراع 7 أكتوبر، قد اختار ، لأسباب تتعلق بخلافه الأيديولوجي والمرجعي ، وتناقض مشروعه السياسي، مع حزب الاسلاميين ، التموقع في المعارضة.

وكما كان متوقعا ، اصطف إلى جانبه في ذات الخانة ، حزبان  قريبان منه ، من حيث التوجه الايديولوجي والمشروع السياسي وحتى عدد المقاعد ، هما التجمع الوطني للأحرار (37 مقعدا)، وكان في السابق حليفا مزعجا في حكومة ابن كيران الأولى  والاتحاد الدستوري (19 مقعدا).

وفضلا عن ذلك ، حاولت قيادة “البام” ، على ما يبدو ، في لقاءات سرية ، إقناع قيادات حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، بتعزيز صفوف المعارضة ، في أفق انتزاع رئاسة مجلس النواب بأغلبية برلمانية ، من شأنها أن تنغص على حكومة ابن كيران عيشها خلال ولايتها القادمة .

ويبدو أن “فشل” مشروع حزب الجرار ، دفع الناطق باسم أمينه العام ، إلياس العماري ،إلى أن ينفي نفيا قاطعا، حصول أية لقاءات سرية أو علنية مع قادة الاستقلال وحزب الوردة.

في غضون ذلك بدا جليا من تصريحات قادة الاستقلال وأمينه العام ، حميد شباط ،حتى قبل لقائه أمس الاثنين مع ابن كيران، أن المشاركة في الحكومة إلى جانب الاسلاميين ،هي خيارهم المفضل بعد سنوات في المعارضة، لم يجن منها الحزب سوى المتاعب .  لكن ليست مشاركة “شيك على بياض”، كما يبدو ، بل بشروط سقفها عاليا ، خاصة بالنسبة للحقائب الوزارية ورئاسة البرلمان .

ابن كيران وشباط ، دفنا خلافاتهما السابقة ، وأعطيا مؤشرات إيجابية تصب في الاتفاق على الانخراط في التحالف الحكومي ، والباقي مجرد تفاصيل. ظهر ذلك واضحا من خلال تصريحهما عقب لقائهما الأول بمقر “البيجيدي” ، حيث دعا شباط إلى “تسريع إخراج الحكومة إلى الوجود  (…) لأن قضايا كبرى تنتظرنا جميعا”، مشيرا إلى أن اللقاء المقبل سيخصص لـ”رسم خريطة الحكومة المقبلة”.

ابن كيران بما عرف عليه من دهاء وتوجيه الرسائل المبطنة، اكتفى بالقول: “كل ما قاله (شباط) أنا متفق معه عليه”.

وفي هذا السياق ، علم “برلمان.كوم” من مصدر ، قيادي بحزب الميزان ، أن محمد الوفا، العضو السابق في حكومة ابن كيران والقيادي المغضوب عنه في حزب علال الفاسي ، قبل أن يشق عصا الطاعة ، ويرفض قرار قيادته الانسحاب من الحكومة سنة 2012 ، لعب “دورا مهما”، على حد تعبير المصدر، لتقريب شقة الخلاف بين شباط وابن كيران ، وأخذ مسافة مع “البام”.

وأفاد المصدر ذاته ، أن عددا من القياديين القدامى في حزب الاستقلال ، أو ما يطلق عليهم بـ”الحكماء” ، ومن بينهم امحمد بوستة، بادروا إلى الاجتماع مع شباط ،وعبروا له عن دعمهم ،في اتجاه مشاركة الحزب في الحكومة المقبلة .

وقالت المصادر إن شباط ، الذي أصبح يتبنى هذا الطرح يحاول إقناع الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي بالانخراط في نفس المنحى. وهذا ما يفسر الاجتماع المشترك الذي عقدته الهيأتان التقريريتان للحزبين (اللجنة التنفيذية للاستقلال والمكتب السياسي للاتحاد )، أمس  بمقر حزب الميزان.

ويأتي اللقاء الذي يعقده لشكر مع ابن كيران اليوم الثلاثاء ، ليؤكد ، فيما يبدو ، أن قيادة حزب الوردة، أصبحت مقتنعة بخيار المشاركة في حكومة الإسلاميين ، بالنظر لعدة اعتبارات من بينها تراجع الوزن السياسي للحزب وهو في المعارضة ، الأمر الذي بدا واضحا من خلال حصيلته من المقاعد البرلمانية في الاقتراع الأخير (20 مقعدا).

في هذا السياق أيضا، أفادت مصادر “برلمان.كوم”أن عدة أحزاب ،وهي الاتحاد و البام و الأحرار و الحركة الشعبية ، اتفقت على تولي القيادي الاتحادي ، الحبيب المالكي ، رئاسة مجلس النواب ، غير ابن كيران يرى أن سعد الدين العثماني ، رئيس المجلس الوطني في “البيجيدي” أجدر بهذا المنصب.

لكن، عددا من المراقبين ، يَرَوْن  اقتراح حزب المصباح أمرا شاذا ، ولا يستقيم مع الممارسة الديمقراطية المتعارف عليها دوليا ، متسائلين:” كيف يعقل أن يجمع الحزب الذي يقود التحالف الحكومي ، في الآن ذاته المناصب القيادية الثاني (رئيس الحكومة) والثالث (رئيس البرلمان)  في الدولة ، خاصة وأن الاثنين معا ، عضوان بحكم الدستور في مجلس الوصاية.

كما يرى هؤلاء المراقبين أنه من الصعب هضم ، أن الاتحاد الاشتراكي ، الذي لا يتوفر إلا على 20 مقعدا، من بين 395 ، عدد مقاعد المجلس ، أن يترأس مجلس البرلمان .

بالنسبة للتقدم والاشتراكية ، فإن إخلاصه لحزب المصباح مسألة بديهية ،بالنظر للتحالف “الاستراتيجي” القائم مند 2011 بين شيوعيي حزب الكتاب وإسلاميي المصباح ، وبذلك سوف يكون حاضرا في تشكيلة ابن كيران،  لكن بالنظر للعدد المتواضع من المقاعد التي حصدها في الانتخابات الأخيرة (12 مقعدا)، ولقرار ابن كيران تقليص عدد الوزارات في الحكومة المقبلة.

أما حزب الحركة الشعبية ، التي سبق له أن شارك في النسخة الأولى من حكومة ابن كيران ، فإن هذا الأخير ، وإن كان لا يمانع في مشاركتها ، فإن قيادة حزب السنبلة ، فضلت ممارسة نوع من الغموض والترقب، بدعوى انتظار قرار المجلس الوطني للحزب في نهاية أكتوبر الحالي.

وقبل الانتقال إلى وضع القوائم شبه النهائية لأعضاء الحكومة المقبلة ، يواجه رئيس الحكومة المعين ، صعوبة في التوفيق بين رغبته في ألا يتعدى عدد أعضاء الحكومة 26 وزيرا ، وبين شروط ومتطلبات حلفائه السياسيين بخصوص عدد الحقائب التي يرغبون في الحصول عليها.

ومن هنا ، يبدو أن الخطوط العريضة لهندسة الحكومة المقبلة أصبحت تتضح تدريجيا ، وقد يزيدها وضوحا الشوط الثاني من المفاوضات بين ابن كيران وقادة الهيئات السالفة الذكر ، في غضون الأيام القليلة المقبلة . وينتظر أن تكون هذه المفاوضات عسيرة والتوافقات صعبة ، خاصة بالنسبة لابن كيران،  الذي يريد رفع التحدي أمام خصومه السياسيين ، بأي ثمن .

وبالنسبة لتوقيت الإعلان عن التشكيلة الحكومية ، أفادت مصادر “برلمان.كوم” أنه من المستبعد جدا ، أن يتم ذلك قبل اسدال الستار على مؤتمر (COP22) يوم 18 نونبر بمراكش، نظرا لكون عدد من أعضاء الحكومة المنتهية ولايتها مكلفين بمهام ومسؤوليات في تنظيم وإدارة هذه التظاهرة المناخية الدولية.

كما لفتت مصادر “برلمان.كوم” إلى معطى آخر يجعل من الصعب إعلان التشكيلة الحكومية قبل التاريخ السالف الذكر، يتعلق بالجولة التي يبدأها اليوم الثلاثاء ، الملك محمد السادس في عدد من بلدان شرق إفريقيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عاجل
زر الذهاب إلى الأعلى