كيف يصرف البرلماني الفرنسي راتبه..؟ صورة مقربة للوجه الآخر للتدبير
يكاد الإجماع يحصل على أن رواتب الساسة الفرنسيين هي الأكثر شفافية مقارنة بغيرها من الدول الغربية، بحيث يمكن لأي فرنسي الاتصال بمصلحة الضرائب أو المحافظة العقارية للوقوف على حقيقة أجور مسئولي بلاده وممتلكاتهم العقارية، من رئيس الدولة إلى الوزير الأول والبرلماني وغير هؤلاء من كبار الموظفين.
وينطبق هذا ولو بشكل أقل على كل المسئولين بالديمقراطيات العريقة. ومن هنا نفهم أن السياسة في الغرب هي مرادفة للمجد والسمعة وليس للمال والثروة.
وفي سياق الزوبعة التي فجرتها مؤخرا المصاريف “المغشوشة” لبعض النواب البريطانيين، قرر ثلاثة نواب عن الحزب الاشتراكي الفرنسي الكشف عن الطريقة التي يتم بها صرف رواتبهم البرلمانية المحددة شهريا في راتب صافي يقدر ب 5838 أورو، تضاف إليه التعويضات “التمثيلية” وأخرى خاصة بفريق المساعدين للنواب بمبلغ (نحو ألف أورو).
ويكشف النائب الاشتراكي، روني دوزيير ، الذي أعيد انتخابه ثلاث مرات متتالية عن منطقة إيسون (300 كلم شمال غرب باريس)، أنه ينفق 1715 أورو شهريا ثمن كراء المكتب ولوازم الصيانة، و843 أورو عن مصاريف النقل، و300 أورو عن نفقات المبيت في الفنادق، و250 أورو لشراء الجرائد، و200 أورو عن الكتب ومبلغ مماثل عن اللباس، و740 أورو للوجبات الغذائية…
ويقول دوزيير إن النائب لم يعد كما كان في الجمهورية الثالثة رجلا منعزلا يشتغل لوحده، بل أصبح اليوم مؤسسة عمومية قائمة الذات بهياكلها ومقرها وفريق المساعدين المأجورين ومعهم فريق المتطوعين من مناضلي الحزب. ويكشف أن الراتب الشهري للنواب (5838) لم يشهد تغيرا منذ 2002 مما يعني أن القدرة الشرائية لهذا المبلغ تدنت بنسبة 7.2 في المئة.
ويعرض النائب الاشتراكي بكثير من التفاصيل طريقة تدبيره سنة 2014 لراتبه الشهري الخاص بالتمثيلية البرلمانية كاشفا أن مقر المكتب بكرائه ولوازمه المختلفة يأخذ منه 1715 أورو بما فيها فواتير الماء والكهرباء والتدفئة والتنظيف ومستلزمات المكتب، وغير ذلك من المصاريف التي يكشف عنها بالسنتيم.
وبخصوص مصاريف النقل يقول دوزيير إن النواب جميعهم يتوفرون على بطاقة للتنقل من المكتب الوطني للسكك الحديدية. “ولهذا أفضل في الغالب ركوب القطار عند توجهي إلى باريس. ويحدث أحيانا أن أستعمل سيارتي الخاصة التي كلفتني في التنقلات نحو العاصمة حيث مقر البرلمان، 843 أورو سنة 2014.
وتقوم الجمعية الوطنية (البرلمان) بتعويض المصاريف الخاصة بالتنقلات داخل باريس في حدود سقف سنوي لا يتعدى 2750 أورو. “وفيما يخصني، أفضل، عوض سيارات الأجرة، اقتناء الميترو أو حافلات النقل العمومي إلا من استثناءات قليلة كلفت البرلمان 328 أورو بدل 2750 أورو.
وبما أنه لا يملك منزلا أو إقامة بباريس، فإنه يفضل المكوث بإقامة الجمعية الوطنية وبها 50 غرفة. وعند استحالة الحصول على غرفة بها يختار فندقا بالقرب من الجمعية الوطنية مقابل 30 أورو فقط، والباقي على نفقة الجمعية الوطنية، مما يقلص مصاريف الإقامة إلى 300 أورو شهريا.
وفيما حدد نفقات الوجبات الغذائية في 740 أورو، كشف أن مصاريف اللباس الذي يعد من بين أسس النشاط البرلماني، حيث البذلة الرسمية إجبارية لولوج الجمعية الوطنية، تطلبت منه 200 أورو شهريا بما في ذلك مستلزمات الأناقة الأخرى وأيضا الحلاقة التي حددها صالون الحلاقة الذكورية التابع الجمعية الوطنية في 21 أورو.
أما المصاريف الخاصة بالتوثيق وشراء الكتب اللازمة لنشاطه البرلماني وخاصة الكتب القانونية والتاريخية، فتكلفه 200 أورو، تضاف إليها 250 أورو كنفقات عن الجرائد التي تعتبر، برأيه، وسيلة لا غنى عنها للإطلاع والمعرفة، فيما تأخذ منه بطائق التهنئة ما معدله 23 أورو شهريا، والرسائل الخاصة بنشاطه البرلماني وبتدخلاته المختلفة في الجمعية الوطنية والتي يبعث بها بشكل منتظم إلى سكان دائرته، وعددها 35900 رسالة سنة 2014، ما قيمته 350 أورو شهريا.
ولم يكشف النائب الاشتراكي عن حجم المصاريف الخاصة بالمكالمات الهاتفية على اعتبار أن النواب يتوفرون على سقف مجاني بمبلغ 6610 أورو سنويا. “وقد حرص سنة 2014 على أن يقلص مكالماته إلى 4988 أورو موفرا بذلك للجمعية الوطنية 1622 أورو.