إفطار رمضان وصيام رجب، الصلاة لعشر مرات في اليوم ودون حتى الإغتسال من الجنابة، ناهيك عن قتل السارق وإنكار فريضة الحج وتحريم أكل والبيض والدجاج، وإباحة تعدّد الزوجات بلا حد والطلاق والمراجعة بلا حد، حسب شهوة الرجل، واتباه قرآن مختلف ناطق بالأمازيغية ودين جديد… كانت شعائر اتبعها مغاربة الدولة البورغواطية لأكثر من أربع مائة سنة.
قرآن كتبه متبعو الديانة البرغواطية، بالأمازيغية، والذي حسب أبي صالح زمور المدعو” القائم بصلاتهم”، كان يضم ثمانين سورة، أسماء أغلبها منسوبة للأنبياء (آدم، أيوب، يونس…) وبعضها للقصص (فرعون، ياجوج وماجوج، الدجال، العجل…) وسور أخرى منسوبة للحيوانات (الديك، الجمل، الجراد، الحنش…)، والذي لا توجد أية صيغة مكتوبة منه، إلا مقتطفات قليلة من سورة أيوب والتي كان البرغواطيون يعتبرونها كمقابل لسورة الفاتحة، ويقول نصها:” بسم الله الذي أرسل كتابه إلى الناس هو الذي بين لهم به أخباره، قالوا علم إبليس القضية، أبى الله، ليس يطيق إبليس”. وكلمة “الله” هنا ترجمة لكلمة “ياكوش” الذي اعتبره البعض إلاه البرغواطيين، والبعض الآخر اعتبره ترجمة لله.
ويذكر أن الدولة البرغواطية أو كما كانت تلقب ب”الإمبراطورية الأولى”، هي إمارة أمازيغية نشأت في القرون الوسطى على الساحل الأطلسي للمغرب، وضمت الإمارة إتحادا من مجموعة من قبائل مصمودة. بعد فشل التحالف مع مُتمردي الخوارج الصفريين في المغرب ضد العباسيين، استقرت في المنطقة بين آسفي و سلا، بين العامين 744 و 1058، ارتبط قيامها في تلك البقعة النائية بعقائدَ غريبة ومتطرّفة شدت اهتمام الباحثين والمؤرخين من مشارق الأرض ومغاربها وجعلت برغواطة مثار مناقشات عديدة، فمنهم من اعتبرها دولة خارجة عن تعاليم الإسلام إلى حد أن الكثيرين منهم وصموها بالهرطقة والوثنية، بينما تصدت فئة قليلة منهم للدفاع عنها وعن عقيدتها وعن نسبتها إلى الإسلام.
دين “غريب” اشتهرت به الدولة البرغواطية، فبعد اعتناق قبائل مصمودة الإسلام في بداية القرن الثامن وانتفاضة ميسرة (739 742)، حيث أقام أمازيغ بورغواطة دولتهم على الساحل الأطلسي بين آسفي وسلا، واتبعوا معتقدات دينية مستوحاة من الإسلام بتأثير من اليهودية، مع بعض العناصر الدينية السنية والشيعية من الخوارج، اختلطت مع الإسلام تقاليد وثنية ذات علاقة بالتنجيم. ويرجع بعض المؤرخين أن يكون لهم “قرآن أمازيغي” يضم 80 سورة، عملوا به تحت قيادة الحاكم الثاني من سلالة صالح بن طريف الذين شاركوا في انتفاضة ميسرة، ليعلن نفسه نبيا، ويعدي أنه المهدي المنتظر، وأنه سيُرافق عيسى في النبوة.