صمت مجلس سوس ماسة عن تأخر خط أكادير–دكار البحري يقابله تحرك إسباني لإحياء خط قادس

في الوقت الذي يسعى فيه الإسبان من خلال ميناء قادس إلى إحياء الخط البحري مع أكادير، وتحويله إلى منصة لوجستية وتجارية تعزز حضورهم في السوق المغربية، لا يزال مشروع الخط البحري أكادير – دكار حبيس الرفوف، رغم مرور أكثر من أربعة أشهر على إعلان رئيس مجلس جهة سوس ماسة، كريم أشنكلي، عن توقيع بروتوكول لإطلاق هذا الخط، الذي وُصف حينها بـ”الاستراتيجي” لتعزيز التبادل التجاري مع بلدان غرب إفريقيا.
هذا المشروع كان من المفترض أن يرى النور شهر فبراير الماضي، حسب ما تم الترويج له آنذاك، لكن كعادة كثير من المشاريع التي تُستهلك إعلامياً أكثر مما تُنجز ميدانياً، خفت بريقه سريعاً، وساد حوله الصمت.
ففي الوقت الذي ما تزال فيه الرؤية ضبابية حول مصير هذا الخط البحري المغربي-الإفريقي، تتحرك إسبانيا بخفة وذكاء لتعويض هذا التراخي، هيئة ميناء خليج قادس أعلنت عن إعادة تشغيل الخط البحري مع أكادير، المتوقف منذ 2014. وقبل أشهر، زارت بعثة إسبانية المدينة وقدّمت ميناء قادس كمنصة لوجستية وتجارية وسياحية لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ووجّهت دعوة رسمية لوفد من جهة سوس ماسة لزيارة قادس.
ويبدو أن هذه الدعوة بدأ العمل على ترجمتها على أرض الواقع، بعد ما شهدته غرفة التجارة والصناعة والخدمات لسوس ماسة، يوم الأربعاء 23 أبريل الجاري، من اجتماع تنسيقي موسع حضره عدد من الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين، خصص للتحضير لمهمة اقتصادية إلى قادس ما بين 27 و30 أبريل الجاري، برئاسة رئيس الغرفة، وبمشاركة ممثلين عن الـ”CGEM”، الجماعة الترابية لأكادير، الميناء، مركز الاستثمار الجهوي، وجهة سوس ماسة ومؤسسات أخرى.

في مقابل هذا الزخم الإسباني المدروس، يواصل مجلس جهة سوس ماسة بلع لسانه، مفضلا الصمت، وعدم الخروج لاطلاع الرأي العام بالجهة، على مستجدات مشروع “أكادير – دكار”، كأن الأمر لا يعني أحداً، رغم ما يمثله من فرصة تاريخية لجعل أكادير بوابة بحرية نحو العمق الإفريقي، ولتفعيل توجهات المغرب الاقتصادية جنوباً.
لا شك أن إعادة إحياء الخط البحري بين قادس وأكادير مبادرة مهمة، وستنعكس إيجاباً على الحركية التجارية والسياحية بالجهة، كما ستسهم في تعزيز علاقات المغرب الاقتصادية مع محيطه الأوروبي، وهو أمر يصب في مصلحة أكادير وسوس ماسة والمغرب ككل، لكن في المقابل، لا ينبغي أن يكون هذا الزخم الأوروبي ذريعة للتغاضي عن أهمية تنزيل مشروع خط أكادير – دكار، الذي يحمل رهانات استراتيجية أكبر بكثير، ويدخل ضمن الرؤية الملكية الرامية إلى تعزيز المبادرة الأطلسية، والانفتاح الحقيقي على العمق الإفريقي، فمشروع أكادير – دكار ليس ترفاً سياسياً ولا مناسبة لالتقاط الصور، بل ورش حيوي ينبغي تحريكه بجدية ومسؤولية، بعيداً عن منطق الاستهلاك الإعلامي الذي ألفه بعض المسؤولين.