يبدو أن الانتخابات الجزئية المزمع عقدها في 14 شتنبر الجاري والاتفاق الظاهر بين عدد من الأحزاب السياسية على مرشح وحيد، بات يؤكد بالملموس غياب ديمقراطية التنافس بين الأحزاب، ويطرح اشكالا حقيقيا حو عمل عدد من هذه الأحزاب السياسية، التي من المرجح أنها تسعى فعلا إلى تمييع العمل السياسي والتآمر على المواطن المغربي.
من المعروف أن جدوى العمل السياسي والانتخابات، تتجلى بالخصوص في تقديم خيارات متعددة للمواطن كما يجري ذلك في جل الديمقراطيات، لكن ما وقع في الانتخابات الجزئية وما ظهر بالخصوص في دائرة تطوان يوضح العكس، إذ انه وبالرغم من قرار المحكمة الدستورية، قبل الطعن في مقعد برلماني البيجيدي محمد ادعمار، بعد التاكد من استغلاله لممتلكات الجماعة التي عين رئيسا لها بعد الاقتراع التشريعي الذي أجري يوم 7 أكتوبر 2016، إلا أن ممثل العدالة والتنمية المزاح عن مقعده، عاد لينافس على ذات المقعد دون مقاومة حتى ممن طعنوا في شرعية مقعده باستثناء مرشحة لن تستطيح حتما منافسته مجسدة في فدرالية اليسار.
والواضح من خلال هذا أن مسرحية بن كيران وأخنوش ستعود للواجهة من جديد، فهذا الثنائي السياسي الذي عرف منذ انطلاق الانتخابات بصراعات وخلافات حادة حول تشكيل الحكومة، يبرم اليوم صفقة سياسية جديدة واضحة، بعد أن تم إعدام التنافس الحزبي في ثلاثة دوائر وهي دائرة تطوان، ودائرة أكادير، ثم تارودانت الشمالية، التي اكتفى فيها حزب التجمع الوطني للأحرار بالتنافس وحيدا بعد أن فقد فيها حميد البهجة منسق الحمامة في سوس مقعده البرلماني.
انسحاب حزب البام من دائرة تطوان وعدم تقديمه مرشحا، شكل بدوره أمرا مفاجئا للكثيرين يدعو لأكثر من سؤال، خاصة وأن هذا الأخير، قرر مساندة فاطمة أولمغاري مرشحة فيديرالية اليسار، التي تتنافس مع حزب العدالة والتنمية والتي تمثل توجه سياسي منافس ومناهض للبام منذ تشكيله.
مبررات البام لهذ المسرحية السياسية لم تكن كافية لتقنع المتابعين، حيث لخص أسباب غيابه عن تلك الانتخابات “بانشغال الحزب وإعطائه لأهمية قصوى لتجديد انتخاب المكتب المسير لجماعة مارتيل ولمكتب مجلس عمالة إقليم المضيق الفنيدق”.
لقد وضع هذا المشهد المفبرك للانتخابات الجزئية المقبلة، الجميع أمام تناقضات متباينة في الساحة السياسية، وتضاربات توضح أن أولويات الأحزاب السياسية تتجلى في ضمان مصالحها السياسية والحفاظ على مقاعدها أولا وآخرا، وان الكلام المزوق حول التفكير في مصلحة المواطن المغربي وخلق فضاء سياسي شفاف يتبنى الديمقراطية والتنوع والمسؤولية، مجرد كلام زائد لا حقيقة له على أرض الواقع.