من المعروف أن القصص دائما ما تكون لها تأثيرات إيجابية على قرائها، لما تتضمنه من تشويق للنفوس، ومواعظ وعبر، تساعد الإنسان على تخطي صعاب الحياة، والاتزان، كما تعلم الفرد صفات وخصالا حميدة، خاصة لو كانت قصصا قرآنية أو مستوحاة من حديث صحيح، فيتخذها المسلم على أنها دروس وجب الاستفادة والتعلم منها.
وخلال شهر رمضان، يقدم موقع “برلمان.كوم“، مجموعة من القصص التي اختارها بعناية لزواره، لما تتضمنه من حكم دينية مؤثرة، كما أنها وسيلة ترفيهية وتعليمية لغرس القيم والمبادئ الصحيحة والسليمة، التي تستقيم بها المجتمعات العربية.
وفي هذا الإطار، اخترنا اليوم قصة رجل “العفو والوفاء“، لما لها من حكمة عظيمة؛ في عهد التابعين، (وهو العهد الذي يطلق على كلِّ إنسان مسلم التَقى أحدًا من صحابة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ومات وهو على الإسلام)، حيث تتضمن القصة أبعادا أخلاقية، وإنسانية، ودينية عالية.
وتدور أحداث القصة حول رجل أعرابي تعب في طريقه، فأخذ قسطا من الراحة وربط ناقته ونام، فقامت بقطع حبلها، وبدأت تأكل من أحد البساتين، إلى أن جاء رجل وضربها من شدة غضبه على بستانه، ووجه لها ضربة على رأسها فماتت، استيقظ النائم ليتفاجأ بناقته الميتة، وبعدها دخل في شجار عنيف مع الرجل، وبدوره ضربه ومات صاحب البستان، فحاصره الناس وأخذوه إلى القاضي لينظر في أمره على اعتبار أنه “قاتل”.
فقال الأعرابي “دَعوني أولا أعود إلى أهلي أوصي وأرجع لكم لينظر في أمري القاضي”، اعترضوا إلا سيدنا “أبو هريرة” ضمنه، وقال “ليعد إلى أهله يوصيهم ويرد الأمانات إلى أصحابها”؛ فغاب الأعرابي شهرين فذهب أهل القتيل إلى “أبي هريرة” فسألوه “كيف تضمن امرئا لا تعلم عنه شيئا؟”، فأجابهم قائلا “حتى لا يقال قد ذهبت المروءة من أمة محمد”، وبعد لحظات من ذلك حضر الأعرابي، فسألوه “ما الذي أتى بك يا رجل؟”، فأجابهم “حتى لا يقال قد ذهب الوفاء بالعهد من أمة محمد”، فعفا عنه أهل القتيل قائلين “حتى لا يقال قد ذهب العفو من أمة محمد”.
وقال علماء الدين، إن هذه القصة خير دليل على أن العفو عن المخطئين من الأخلاق الإسلامية الحميدة التي ينبغي أن يتصف بها المسلمون، حيث أمرهم بقبول أعذار الناس، والتجاوز عنهم، وهو رفعة وقوة للعبد، وليس دليل ذل أو ضعف، بل إنما هو مبلغ الحكماء والعقلاء، أما عن الوفاء، فقال البعض من علماء الدين، إن الوفاء صدق في القول والفعل معا، ومن فقد عنده الوفاء فقد انسلخ من إنسانيته، وقد جعل الله الوفاء قواماً لصلاح أمور الناس، على حد قولهم.