تمتاز دول العالم بعادات وتقاليد تختلف عن بعضها البعض، تبرز في شهر رمضان، سواء بمظاهر الاحتفال أو الاستعدادات لهذا الشهر الكريم، إلا أن رمضان لهذه السنة 1442 هجرية الموافق لـ2021 ميلادية عرف تغيرات عديدة، فجائحة كورونا جعلت بعض العادات واجتماع الناس أكبر خطر يهدد بعدوى الفيروس، لكن هذه العادات لازالت مؤرخة ومتداولة، لذا اختار موقع “برلمان.كوم” سرد بعضا من مظاهر الاحتفال بشهر رمضان الكريم بمجموعة من الدول الإسلامية قبل ظهور فيروس كوفيد 19.
برنامج ”رمضانيات عبر العالم”، سيسافر من خلاله موقع “برلمان.كوم” بقرائه في بلدان إسلامية وعربية خلال شهر رمضان الكريم للتعرف أكثر على العادات والتقاليد الخاصة بكل دولة.
سنتوقف في حلقة اليوم عند تقاليد دولة موريتانيا، حيث يتميز شهر الصيام في بلد “المليون شاعر” بعادات وتقاليد ينفرد بها المجتمع الموريتاني عن غيره من المجتمعات، وبالرغم من التغيرات الكبيرة التي طرأت عليه والتحديات التي تواجه ثقافاته المختلفة، إلا أنه لا يزال محافظاً على تقاليد راسخة في شهر رمضان.
يُقبل الموريتانيون كغيرهم من الشعوب المسلمة، خلال شهر رمضان الفضيل، على الاعتكاف في المساجد وممارسة العادات الاجتماعية الأصيلة المرتبطة بصلة الرحم والتكافل الاجتماعي والأعمال الصالحة.
ما إن يقترب شهر رمضان الكريم حتى يكف الموريتانيون عن حلاقة شعر رؤوسهم، وشعور أطفالهم، ومع الأيام الأولى يبدؤون حلاقتها، تيمناً بالشعر الذي ينمو مع مرور أيام الشهر الفضيل الذي يسمونه “زغبة رمضان”.
ومن عاداتهم أيضا تأخير العديد من الأمور والمناسبات السعيدة، مثل عقود الزواج، والدخول للمنازل الجديدة، وختان الأبناء.
ويوزع الموريتانيون شهر رمضان إلى ثلاث عشريات، يطلقون عليها تسميات مستوحاة من بيئتهم البدوية، فيسمون العشرية الأولى “الخيل”؛ ربما لكونها تنقضي بسرعة، وعلى العشرية الثانية “عشرية الإبل”، أما الثالثة والأخيرة فيسمونها “عشرية الحمير”؛ لأنها تمر بطيئة على الصائمين الذين أخذ منهم التعب أيما مأخذ.
ومع أن موريتانيا تقع على واحد من أطول شواطئ العالم (بطول يمتد على مسافة تزيد على 700 كم) وأكثرها ثراءً بالأسماك عالية الجودة، فإن استهلاك شعبها للأسماك ما يزال ضئيلاً، ويكاد ينحصر في الفئات الأفريقية الأصل المشتغلة بمهنة الصيد، أما العرب والأرقاء السابقون “الحراطين” فتغلب على موائدهم اللحوم الحمراء التي يستهلكونها بشكل كبير.
وللموريتانيين عاداتهم الغذائية الخاصة في رمضان، فوجبة “الطاجين” المشكلة من لحوم وخضراوات (البطاطا والبصل)، هي الغالبة على المائدة عند الإفطار، مصحوبة بالحساء المعد من دقيق الذرة أو الشعير أو الدخن وأحياناً من الخضراوات المطحونة، التي يطلقون عليها “سوب”، وبعد التراويح يتناولون وجبة الكسكس واللحم للعشاء.
واحتفالا بالشهر الكريم، تقام السهرات المديحية في الساحات العامة، وتعقد مجالس السمر حيث يتبارى الشعراء وتجرى المسابقات في مختلف صنوف المعارف الشرعية من فقه وسيرة ونحو وغيره.
وفي القرى والأرياف يتطوع بعض الشباب للقيام بمهام إيقاظ الناس للسحور، مستخدمين دفوفاً يقرعونها لتنبيه النائمين؛ حيث يجوبون الأزقة مرددين عبارة: “تسحروا يا عباد الله فإن في السحور بركة”.