“ذاكرة رمضانية”.. فتح أنطاكيا وتخليص الشان من رمق الصليبيين
يشكل شهر رمضان مناسبة لاستحضار عدد من المحطات والأحداث التاريخية التي وقعت في سنوات سابقة. وبمناسبة رمضان هذا العام؛ يقدم “برلمان.كوم” لقرائه سلسلة من الوقائع التاريخية التي وقعت سابقا في شهر رمضان.
وحدث اليوم يتمحور حول “فتح أنطاكيا” الذي اعتبر أعظم فتح حققه المسلمون على الصليبيين منذ فتح صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس، لما حمله من قوة وعزة وتمكين للمسلمين في مرحلة عرفوا فيها بالوهن والضعف وضياع أراض بين أيدي المغول والصليبيين.
وبعدما هزم المغول في معركة عين جالوت؛ صار الظاهر بيبرس يسعى نحو فتح أنطاكيا، لأنها كانت رأس حلفاء وشركاء المغول. وبقي يخطط طوال 10 سنوات بعد توليه الحكم حتى استطاع بذكائه ودهائه هدم حصنها المنيع. ففتح، يوم الرابع من رمضان عام 666 هـ، منطقة مهمة تتحكم بالطرق الشمالية للشام، وكاسرا بها شوكة الصليبيين بتدمير ثاني إمارة بعد “الرها” يؤسسها الصليبيون في أعقاب حملتهم الأولى.
وقبل ذلك؛ كان الصليبيون قد تحالفوا مع المغول ضد المماليك، وعملوا مرشدين لجيوشهم، حتى إن بعض الإمارات الصليبية استقبلت قوات مغولية في حصونها، فتسبب ذلك في إشكالية كبرى للمماليك. وعمل السلطان بيبرس، منذ توليه الحكم وعلى مدى 10 سنوات، على إخراج الصليبيين من الشام بصورة نهائية، خاصة بعد سحقه المغول في معركة حمص الأولى عام 1260م.
وبدأت عمليات الظاهر بيبرس العسكرية ضد الصليبيين في سنة 663 هجرية 1265 ميلادية، فتوجه في الرابع من ربيع الثاني 663 ه إلى الشام، فهاجم “قيسارية” وفتحها في الثامن من جمادى الأولى ثم عرج إلى أرسوف، ففتحها في شهر رجب من السنة نفسها.
وفي السنة الموالية؛ استكمل السلطان بيبرس عمليته، ففتح قلعة “صفد”. ما أصاب الصليبيين بخيبة أمل، وحطم معنوياتهم؛ فسارعت بعض الإمارات الصليبية إلى طلب الصلح وعقد الهدنة.
وﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﺑﻊ ﻣﻦ ﺭﻣﻀﺎﻥ سنة 666 ه الموافق 1268 م؛ تمكن المسلمون ﺑﻘﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﺑﻴﺒﺮﺱ من استرجاع ﻣﺪﻳﻨﺔ أﻧﻄﺎﻛﻴا ﻣﻦ قبضة ﺍﻟﺼﻠﻴﺒﻴﻴﻦ الذين احتلوها طيلة 170 ﻋﺎﻣًﺎ. فقد جهز بيبرس جيشا ضخما، اتجه به إلى المدينة المحتلة، وضرب حولها حصارًا محكمًا توج بطلب أهلها الاستسلام بشروط، لكن بيبرس رفض شروطهم فشدد عليهم الحصار أكثر وتمكن من فتح أنطاكيا بالقوة. فغنم المسلمون الغنائم الكثيرة، وأطلق من فيها من الأسرى المسلمين، وشكل سقوطها انتصارا عظيما على الصليبيين بعد معركة حطين.
وبذلك؛ عادت المدينة إلى المسلمين بعد سيطرة الصليبيين عليها 170 سنة. وبدأ عهد جديد عقب انهيار الصليبيين في المنطقة، فلم يبق لهم عندئذ سوى طرابلس. وبدأ بيبرس حملة الجهاد الكبرى، ليكون بذلك الوحيد الذي استطاع التغلب على المغول والصليبيين، أكبر قوتين في ذلك الوقت.